جرائم الخدم أم جرائمنا؟
ازدادت في السنوات الأخيرة جرائم الخدم واعتداءاتهم على مخدوميهم، ووصلت، في حالات مؤسفة، إلى القتل! وكان رد وزارة الداخلية انفعالياً، وتمثل في صدور قرار بمنع الأثيوبيات من العمل في الكويت، ومنع تجديد إقامات الموجود منهن في البلاد. ما سنكتبه هنا لا ينطبق، بالضرورة، على الجميع، فلكل حالة وضعها وظروفها. فجرائم قتل المخدومين لم تقتصر على الإناث فقط أو الأثيوبيات، بل سبق أن ارتكبت من رجال، ومن فتيات من جنسيات أخرى. وبالتالي، كان من المتوقع من وزارة الداخلية معالجة جذور المشكلة بدلاً من إصدار قرار «عقاب جماعي» افتقر إلى العدالة والإنسانية، فقد كنا يوماً ضحية هذا النوع من العقاب خلال فترة غزو صدام لبلادنا! يجب أن نعترف أولاً بأن هناك قصوراً في تنظيم عمل الخدم، ولمَ لم تقم بضع سفارات، كالهندية والفلبينية، بتوفير الحماية المادية والقانونية لمواطناتها العاملات خدماً، لكان وضعهن أكثر سوءاً. ولو لم تكن هناك انتهاكات وسوء معاملة من البعض و«أكل» حقوق هؤلاء المساكين، لما كشف تدخل حكومات الدول المعنية المشين من تصرفات الكثير من المخدومين. فقد كان من المفترض أن نصدر قوانين حماية العمالة المنزلية، وليس انتظار فرضها علينا. وزيارة واحدة إلى مراكز «إيواء العمالة المنزلية المرتجعة»، ومحاولة الاستماع إلى مآسي الكثيرات منهن، كفيلة بتغيير أفكارنا عن حقيقة أوضاعهن، والظروف غير الإنسانية التي عشن فيها، والخدمة الشاقة في بيوت كبيرة ومكونة من طوابق عدة، والاضطرار إلى تلبية رغبات أطفال سيئي الخلق والتربية. وعندما تقع جريمة، فليس هناك أسهل من إلقاء المسؤولية أو تبعات الجريمة على رأس الخادمة! كما يعتقد البعض أنه طالما «تنازل» وقبل أن تعمل فتاة في منزله، فإنها، وبسبب ظروف معيشتها الصعبة في وطنها، ربما تصبح «ملك يمينه»، يفعل بها ما يشاء، وليس لها حق الاعتراض، حتى لو كلّفها القيام بما لا طاقة لها به. ومن هنا غالباً ما يتولد الانفجار، فهؤلاء بشر مثلنا، والكثيرات منهن أكثر ثقافة وتعليماً ممن يعملن لديهم، وبالتالي هن في حاجة إلى الاحترام والمعاملة الإنسانية، ولا شيء أكثر من ذلك.
ما يؤكد خطأ قرار منع دخول الأثيوبيات هو القرار الذي صدر قبل أيام بالسماح بدخول العمالة البنغالية، التي سبق أن منعت من دخول البلاد قبل فترة لأسباب مشابهة لتلك التي منعت الأثيوبيات على أساسها، فهل تغير البنغال أم تراجعنا نحن عن قرارنا؟
نعيد توجيه السؤال: هل هن المجرمات أم نحن؟