كاشف غطاء التخلف
انتشر على الإنترنت مقال نسب لمن ينتمي لعائلة "كاشف الغطاء" العراقية المعروفة بكثرة رجال الدين فيها. ورد في المقال أن شيعة العراق اثبتوا في هذه الأيام أن صدام كان أغبى سياسي في العالم، لأنه لم يدرك أو يعرف أن الشيعة كانوا يريدون هلاك أنفسهم وليس هلاكه. وأن من الواضح، كما أثبتت ولا تزال تثبت الأيام، أن تحسين وضعهم المادي أو الصحي أو الخدمي أو البيئي ليس من أولوياتهم، ولا يهمهم الحكم أو يتطلعوا لأي شيء له علاقة بالرفاهية والسعادة، كما هو حال بقية الشعوب، بل همهم الوحيد هو أن تتركهم السلطات يسيروا على الطرقات ويلطموا في المساجد والحسينيات ويزحفوا على أقدامهم حفاة ويؤدون مراسم الزيارات ويتجمعون ملايينا في المناسبات، فهذا هو همهم الاساسي، كما يبدوا. فلا اهمال حكومي يشغلهم، ولا فقر وسوء في الخدمات يهمهم، ولا رغبة في التطور تقلقهم. ولو كان الغبي جدا صدام سياسيا يفهم، ولو قليلا، لتركهم لحالهم يفعلون ما يرغبوا في فعله، ولوجدهم يعيدوا انتخابه المرة تلو الأخرى، لكنه كان بغلا، حيث تخصص في قتلهم وتشريدهم وتعذيبهم، لا لأنه حاولوا منافسته على الحكم بل لأنهم فقط طالبوا ان يمنحهم الحرية في ممارسة طقوسهم، ولو فعل ذلك لبقي في الحكم حتى اليوم، ولاستمرت سرقاته وفساده دون أن يعترض عليه أحد. وبالتالي فإن سياسيو العراق اليوم، الذين عرفوا اللعبة واتقنوها، أكثر حنكة وفهما من صدام، حيث تركوا غالبية القوانين الصدامية القديمة، وأهملوا الخدمات وزادوا من فقر الشعب، وسرقوا ونهبوا وسمحوا بالسرقات، وتمادوا في ذلك، وغضوا النظر عن تصريحات وتهديدات خصومهم السياسيين، بكل ما تضمنته من شتائم لهم من على المنابر، بعد أن وفروا لهم كامل الحرية في النقد والتهجم، ووفروا في الوقت نفسه للفريق الآخر حرية المشي واللطم والزحف وممارسة مختلف الطقوس، فتراهم يوما بملايينهم في الكاظمية وبملايين أكثر متجهين للنجف وفي اليوم التالي الى سامراء وفي يوم رابع الى كربلاء، ولم تقتصر المسيرات من أجل الأئمة بل امتد الزحف ليشمل ابناء الأئمة وليصل حتى لعلماء الدين، وبالتالي اصبحت البيوت خالية والشوارع مكتظة والطرقات مغلقة، والجيش والشرطة مسخرة لتنظيم هذه المسيرة وحماية تلك والثالثة والرابعة وهكذا طوال العام، لتضييع مليارات ساعات العمل، وجهود الشرطة والجيش لحفظ سلامة هذا الموكب او تلك المسيرة، وخوفا من التفجيرات،وليس خوفا من بحور التخلف بسبب هذه الحشود المليونية التي تتجه شمالا وتسير جنوبا وتزحف شرقا وغربا وكأنها لا تود أن تنتهي، وبالتالي زادت البطالة بعد أن ترك الكثيرون أعمالهم، وأصبح هم الجميع الزحف والدعاء وطلب الأجر، ولا تراجع عن المسيرات بالرغم من كل ما جلبته من فواجع وخسائر مادية وبشرية لا نهاية لها.
ويستطرد "كاشف الغطاء" قائلا بأنه كان يتمنى ان يرى تجمعا مليونيا ينتفض رافضا كل هذا الخراب والقتل المتكرر وسوء الخدمات والهدر والسرقات النفطية والفساد الإداري ونهب ثروات الأمة، ولكن لا أمل. ويتساءل عما دفع الحسين لينتفض رافضا الظلم، ولماذا قتل أئمة أهل البيت، هل لنجتمع ونلطم عليهم ونترك جوهر قضيتهم في العدل والأصلاح؟ أم فقط لتتجه الملايين وتصرخ هيهات منا الذلة؟