داعش.. وأتباع قيم الإخوان
في عام 1960 قام المخرج الإيطالي فلييني بإنتاج فيلم la dolce vita، تمثيل انيتا ايكبرغ ومارشيليو ماستروياني، والذي أصبح اسمه رمزا عالميا عن الاستمتاع بحياة اللهو والملذات. ثم جاءت الصحافية الإيطالية الراحلة أوريانا فيلاتشي بعدها بنصف قرن، والتي كانت تتعاطف مع قضايانا، لتصفنا، وبكل بدقة، وبعد أن كفرت بنا وبقضايانا، بأننا شعوب لا تعرف كيف تستمتع بـ «الدوتشي فيتا، أو الحياة الحلوة».. إلا بين القبور!
فما قامت به عصابات طالبان على مدى عقدين من الزمن وما تقوم به العصابات الإرهابية في مدن باكستان وقرى نيجيريا، وما اقترفته وتقترفه قوى الجهل والتخلف في سوريا والعراق واليمن وغيرها من همج داعش والقاعدة والتي خرجت جميعها من رحم الإخوان السيئ، وتغذت على «مبادئها»، خير دليل على أننا لا نعرف من الحياة شيئا غير القتل والحرق والتدمير، معتقدين أن هذا ما سيوقع الخوف والرعب في قلوب «أعدائنا»، وهذا ما حدث بالفعل، فقد «خاف» العالم منا وابتعد، وتركنا نقتل ونذبح ويجز بعضنا رقاب بعض بكل غباء، ونحرق بيوتنا ونخرب حقولنا وننسف ما تبقى من مصانعنا، ونهجر النخبة من مواطنينا، ونعيث في كل أرض عربية أو مسلمة تطأها اقدامنا فسادا لم يسبق له مثيل.
إن داعش ليست حركة صهيونية ولا طابورا استعماريا خامسا، بل هي منا وفينا، وهم ليسوا مرتزقة، فمن يعمل من أجل المال لا يفجر نفسه بين الآخرين، بل هم في غالبيتهم من «سابق» خيرة شباب هذه الأمة، الذين تركوا «الدولتشي فيتا» وراءهم، وزحفوا للتخلص من أعدائهم من أتباع الطوائف الأخرى، الذين شحن «علماؤهم» رؤوسهم بأنهم الأعداء الحقيقيون وليس إسرائيل أو بريطانيا أو أميركا، بل العدو هو الجار والصديق والصهر، خاصة إن كان يتبع مذهبا مختلفا!
ان داعش هي نتائج مناهجنا ونتاج تربيتنا ونتاج إعلامنا الذي طالما زين لهم القتل وسهل لهم الذبح وتكفير الجميع. فقيم داعش وغيرها مستمدة من أفكار متخلفة، سواء إخوانية أو سلفية، وليس فيها جديد، بل الجديد كان الحدة في التطبيق، وهو أمر كان متوقعا في ظل كل ذلك الشحن الطائفي، فكما خرجت طالبان من تحت عباءة آلاف المدارس الدينية في باكستان وزحف طلابها على بلادهم واحتلوها، بعد أن أوقعوا الرعب في قلوب مواطنيهم، فإن داعش أيضا خرجت من تحت عباءة عشرات آلاف المدارس الدينية، ومراكز التحفيظ، الحكومية والخاصة، التي يسيطر عليها الإخوان وعلماء دين متشددون، المنتشرة في طول وعرض جميع دول المنطقة. فاليوم داعش، وبسكوتنا وعدم فعل شيء جذري في ما يتعلق بمناهجنا، سيكون هناك غدا مئة داعش!