كومة انذارات وكومة تجاهل
تقوم وزارة الشؤون، ومنذ عشرين عاما على الأقل، بإصدار تعليمات مشددة للجمعيات والمبرات المسماة بالخيرية، تحذرها من مغبة مخالفة تعليمات
الوزارة في ما يتعلق بطريقة جمع التبرعات، عدم جمعها بغير استخدام إيصالات تحمل أختام الوزارة، وتنذرها من مغبة العودة للمخالفات، وتهديدها بالإغلاق وبتجميد حسابات الجمعيات الأم، إن خالفت الأفرع، وعدم التهاون مع المخالفات، وأنه لن تكون هناك استثناءات أو مجاملة لأي جمعية!
بالرغم من كل هذه التحذيرات فان غالبية الجمعيات والمبرات، حتى صدور القرار الأخير المتعلق بإغلاق بضعة أفرع تابعة لجمعيتي الإصلاح (الإخوان)، وجمعية التراث (السلف)، كانت منغمسة بجمع التبرعات بطريقة غير قانونية، وفي مخالفة صريحة للتعليمات، عيني عينك، ومنذ سنوات عدة. والوزارة بدورها منغمسة، سنة بعد أخرى، بالكشف عن المخالفات وإرسال الإنذار تلو الآخر، لينتهي موسم القطاف وينسى الجميع كل ما تعلق بالمخالفات، ولتبدأ دورة جديدة في موسم القطاف التالي.
ويبدو أن عشرات آلاف المخالفات التي ارتكبتها الجمعيات سيتم نسيانها، ونحن مقبلون على نهاية شهر رمضان، وسيغلق ملفها حتى موسم القطاف التالي، بعد شهرين عندما يحل عيد الاضحى.
ما تغير هذا العام هو حجم الهجوم غير المتوقع الذي تعرضت له الحكومة، خاصة من أطراف كانت تعتقد أنهم في «جيبها الخلفي»، كالإخوان وبعض النشطاء والدعاة الدينيين، وبالتالي دفعها خوفها على وضعها لأن تحرك «آلياتها»، ولأول مرة منذ اكثر من ثلاثين عاما، وتقوم بقرص شحمات أذن من تجرأوا على تحديها.
ما نتمناه هو أن تستمر الدولة في فرض القانون، وليس الاحتفاظ بالمخالفات واستخدامها عندما يتطلب الأمر ذلك.
ما ينطبق ويسري على الجمعيات الدينية يسري على من حصلوا على الجنسية الكويتية بطرق غير قانونية. فهؤلاء معروفون للحكومة، وتقرير ثامر الجابر، حصر غالبيتهم. وبالرغم من المبررات التي قدمتها الحكومة لسحبها حق المواطنة من البعض، وهو قرار نقف معه بكل قوة، فانه كان قرارا كيديا وربما وموجها لأطراف معينة، وليس قرارا «استراتيجيا» تتطلبه المرحلة الحالية، وما تتعرض له الجبهة الداخلية من خطر. فهناك عشرات آلاف المواطنين الذين يدور شك ليس فقط حول الطرق غير القانونية التي حصلوا بها على الجنسية، وبل وحتى لمدى ولائهم للكويت. وبما أن العدد كبير جدا، فإن اختيار أشخاص معينين، تعتقد الحكومة أنهم أساءوا لها، وترك البقية أمر لا يجوز. فكيف سمحت الحكومة مثلا لشخص يحصل على الجنسية الكويتية وينتخب نائبا في البرلمان ويشارك في التشريع، وهي تعلم بحقيقة وضعه؟ وما هو مصير القوانين التي شارك في التصويت عليها؟ كما أن هناك من هو أخطر ممن سبق، ان ارتكبوا أعمال قتل أدينوا عليها باحكام سجن، ولهم أنشطة سياسية مريبة ومخالفة لمصالح الوطن، وأسماؤهم معروفة. وبالتالي من الضروري أن تسير عجلة العدالة في طريقها ويحاسب كل من تثبت عليه تهمة التزوير، وألا يتم الاكتفاء بمعرفة أسماء هؤلاء والسكوت عنهم إلى أن تحين فرصة استخدام التهم ضدهم، وكأن الحكومة بهذا تضع الرصاصة في جيبها لحين وقت اطلاقها، فهذا ابتزاز ممجوج، وهي يجب أن تكون أرفع من ذلك!