الرسم البياني والوضع الكحياني
قامت جهة ما، وقد تكون صحيفة أميركية شهيرة، بوضع رسم بياني احتوى في الجانب العمودي منه على أسماء الجهات التالية: تنظيم القاعدة، مصر، حماس، حزب الله، إيران، العراق، داعش، إسرائيل، السلطة الفلسطينية، تركيا والولايات المتحدة. ووضعت الأطراف والدول نفسها على الاتجاه الأفقي من الرسم، وبيّنت نوعية العلاقة بين كل طرف والأطرف الأخرى، كل منها على حدة، من خلال وجوه ملونة. فالوجه الأصفر يعني أن العلاقة بين أميركا مثلاً وتركيا معقدة وليست على ما يرام. كما أن الوجه الأحمر يعني أن العلاقة بين سوريا وحماس سيئة جداً، والوجه الأخضر يعني أن العلاقة بين مصر والعراق مثلاً جيدة وفي حالة وئام.
وبمحاولة قراءة بعض التقاطعات من الرسم البياني نجد أن أميركا تعادي القاعدة، وتحب مصر، وتكره حزب الله، وتعادي إيران، وتحب العراق وإسرائيل. أما علاقتها بالسلطة الفلسطينية، فمشوبة بالحذر، وسيئة مع سوريا، وحذرة مع تركيا. ولو نظرنا إلى تركيا، لوجدنا أنها تعادي القاعدة ومصر وإيران والعراق وداعش وسوريا، ولكن في وضع ملتبس مع أميركا وإسرائيل وحزب الله، وفي الوقت نفسه تصادق حماس والسلطة الفلسطينية فقط. أما حماس، فإنها لا تعادي القاعدة ولا حزب الله ولا إيران ولا العراق ولا السلطة، ولكنها تصادق تركيا فقط وتعادي مصر وداعش وإسرائيل وسوريا والولايات المتحدة.
وبالتالي، من الواضح أنه ليست هناك صداقات دائمة وواضحة ولا عداوات مستمرة للأبد وواضحة، فالظروف الدولية والمصالح هي التي تقرر في نهاية المطاف من هو الصديق ومن هو العدو. فقد كانت فرنسا وألمانيا، على مدى قرون، عدوين لدودين، وجاء الوقت الذي أصبحت فيه عملتهما واحدة ولا حدود بينهما، وتحكمهما محكمة عليا واحدة وتتقارب قوانينهما يوماً عن يوم.
كل هذا يبين أن العلاقة بين دول الشرق الأوسط والقوى الكبرى مربكة لكل من يحاول تحليل الوضع ومعرفة ما يجري.
وبالتالي، فإن بعض أصدقاء أميركا يدعون أعداءها، وبعض أعدائها يحاربون أعداءها الآخرين، وهي تريد الشر لهؤلاء لأنهم أعداؤها، ولكنها لا تريد الشر لأعداء آخرين لأنهم يعادون من تعادي، وتعال حل وحلل كل هذه الفوازير!