لا يحدث إلا في الكويت
قصة كالخيال ولا يمكن أن تحدث إلا في الدول المتخلفة، كالكويت. فقد جاءها رجل من خارجها، كمئات الآلاف غيره، وتزوج كويتية ورزق منها بطفل. عرف الطفل الحياة مبكرا أن استغلال الدين هو الطريق الأقصر للنجاح، فسلكه، بعد أن اطال لحيته وتخلص من عقاله وارتدى شماغا أحمر وقصر جلبابه (دشداشته)، وحفظ بضع سور وأحاديث لزوم الشغل!
وخلال فترة قصيرة نجح في الحصول على جنسية الدولة، التي عجز مئات آلاف المهندسين والأطباء والخبراء في الحصول عليها، وحدث ذلك على الرغم من تواضع علمه، وصدور حكم عليه بقتل مريض نتيجة الضرب المبرح، لإخراج الجن منه. وما ان اشتهر كداعية وإمام مسجد حتى فتحت أبواب وسائل الإعلام أمامه، فأصبح بين يوم وليلة ملء السمع والبصر من خلال زواياه الصحافية وبرامجه التلفزيونية، وأخذت الدول تستضيفه، وكأنه نجم نزل من السماء وانهالت عليه التبرعات والمساعدات والمخصصات، واصبح يستقبل كرؤساء الدول في زياراته الخارجية، واليوتيوب شاهد على كل ذلك. نعم، فقط في دول التخلف يستطيع المتخصص في إخراج الجن من الأجساد الوصول الى هذه المرتبة العالية.. سريعا.
وفجأة قررت جهة ما اسدال الستار على هذه الأسطورة، الفارغة من الداخل والخارج، ليس لما اقترفت يداه، ولا بسبب سجله الإجرامي أو سيرته غير العطرة، بل لتطاوله على من أنعموا عليه بإساءته لهم ولسمعة وطن طالما احتضنه وآواه ومنحه جنسيته!
ولكن الحق ليس عليه ولا يلام على طيشه، بل الحق على من «رزه» وكبّره ورعاه، وبالتالي يجب ألا ينتهي ملفه قبل أن نعرف من الذي سعى وتوسط له، ومن الذي رعاه ومنحه شرف المواطنة، على الرغم من سجله الإجرامي، وهو الذي لم يكن يمتلك يوما فلسا أحمر!
الغريب في الأمر أن عددا كبيرا من «النشطاء» السياسيين وعددا اقل بكثير من جماعته «السابقين» اشادوا بخدماته و«جليل أعماله»، وفضل غالبية الدعاة الصمت لكي لا تصل شفرة الحلاقة نفسها الى ذقونهم! وهنا أتمنى أن يدلني أحد على خدمات «البلبل» الجليلة التي قدمها لوطنه غير الخراب وإفساد عقول الشباب ودفعهم الى المشاركة في حروب المنطقة العبثية، لكي ينتهي بهم قتلى أو مشردين على الحدود أو سجناء معتقلات لا تعرف الرحمة ولا الإنسانية، ليختار هو بعد ذلك الجلوس بين أبنائه لينعم وإياهم بما كسبت يداه من مال ملطخ بدماء الأبرياء الذين غرر بهم!
• ملاحظة: قصة هذا الرجل بينت صحة كل ما كنا، ولا نزال، ننادي به من خطورة السماح باستخدام الدين كوسيلة تحقيق نجاح وثراء، وخطورة إعطاء من يستخدمونه هالة أو أهمية اكثر مما يستحقون!