مؤامرة إفناء الدجاج

واضح جدا أن أميركا تقف وراء داعش، وهي التي زودتها بالعتاد، وطلبت منها تاليا أن تحز رقاب مواطنيها! واتفقت معها تاليا على إرسال طائراتها لتقصف معسكراتهم، وتصطاد «مجاهديهم» كالفئران الهاربة. ولكن من الواضح أكثر أن إيران، عدوة أميركا اللدود، هي التي مولت داعش وسلحتها، بالتعاون مع المالكي في العراق، والأسد في سوريا، لكي تثير الرعب في قلوب شيعة العراق من المد السني، وليرتموا في أحضانها، ولكي تستعين بهم في القضاء على التنظيمات المسلحة الأخرى في سوريا.

ولكن المعطيات الأخرى، ربما تبين أن دولا أخرى في المنطقة تقف وراء تسليح داعش وتقويتها لأغراض خاصة بها. ولكن المنطق أيضا يقول إن المستفيد الأكبر من جرائم داعش هي إسرائيل، وهي التي تقف وراء تسليحهم. وهناك «حقائق» اخرى تقول بوجود حلف خفي «غير مقدس» بين أميركا وقطر وإيران واسرائيل وسوريا ودول أخرى، بإلهام من كتابات ونظريات زبيغنيو بريجنسكي وكونداليسا رايس، بهدف إعادة تشكيل خريطة المنطقة لمصلحة أطراف الحلف، وبالتالي خلقوا داعش وزودوها بالأموال والسلاح لتنفيذ مخططهم الجهنمي. وهناك طبعا سيناريوهات ومؤامرات أخرى، ولكن أصحابها تناسوا أن هذه الدول، منفردة او مجتمعة، لا تستطيع أن «تتآمر»، وتقنع غير بضعة نفر من داعش بمؤامرتها، لأنه يستحيل عليها، مهما بذلت من مال وجهد، أن تقنع عشرات آلاف المقاتلين، ومن مختلف الدول العربية والأوروبية، على ترك أوطانهم واسرهم وأعمالهم والالتحاق بابو بكر البغدادي، ليقاتلوا بوحشية قل نظيرها، ويقتلوا بعدها، لولا وجود ذلك الإرث الديني الذي تجذر في نفوسهم ونخر عقولهم وأقنعهم بأنهم على حق وأنهم الأفضل على العالمين، وعلى فكرهم أن يسود العالم أجمع.

ولو افترضنا جدلا، بأن قوى العالم العظمى اجتمعت ووضعت خطة سرية أو مؤامرة للقضاء على الدجاج، ومحو وجوده من على ظهر الأرض، فكم سيكون عدد من سيتطوع للقتال في سبيل تحقيق هذا الهدف؟ لا أحد تقريبا! فالتطوع للقتال ضد المدافعين عن وجود الدجاج، من اصحاب مزارع وغيرهم من تجار لن يكون نزهة سهلة، وقد يتعرضون لموت محقق، وبالتالي فالموت في سبيل القضاء على الدجاج، أو الموت في سبيل الدفاع عن وجوده، فكرة سخيفة مهما كانت دقة حبكة خيوط المؤامرة! فلا يمكن أن يترك عشرات آلاف المتطوعين اسرهم وأعمالهم ليقاتلوا و«يستشهدوا» في سبيل ذبح الدجاج او المحافظة عليه، وهذا يبين أن الخطورة ليست في تآمر الآخرين علينا، بل الخطورة فيما نهيئه لهم من أسباب ووسائل للتآمر علينا! فلو لم يتم حشو رؤوس تلاميذ مدارسنا، في العقود الثلاثة الأخيرة على الأقل، بكل ما يؤخر ولا يقدم، لما كان هناك إخوان ولا قاعدة ولا داعش، وبالتالي الخطورة تكمن في مناهجنا المدرسية، وليس في تآمر الآخرين علينا.

الارشيف

Back to Top