الفارس والجنة
كان رجل يمتطي حصانه في وسط طريق غير مألوفة، وكلبه الوفي يجري بجانبه. كانت مناظر الطريق خلابة، وفجأة شعر بأنه غادر الحياة، وان كلبه وحصانه ميتان بجانبه، فاصيب بحيرة شديدة فيما يحدث من حوله وإلى اين يقوده القدر، وفجأة وجد نفسه أمام حائط من الرخام، وعليه لوحة مدون عليها حرف «ن»، مضاءة بفعل اشعة الشمس، وفي الوسط بوابة ضخمة أمامها ساحة مكسوة بماء الذهب. وعندما اقترب اكثر وجد رجلا يقف أمام البوابة، وبصوت منهك سأله: أين هو؟ فقال له الرجل انه يقف أمام مدخل الجنة، فقال الفارس: هذا رائع، ولكن هل لي ببعض الماء؟ فرد هذا قائلا: ادخل وسأوفر لك ماء باردا، وما ان بدأت البوابة بالانفراج حتى سأل الفارس الرجل: هل بإمكاني اصطحاب رفيقي معي؟ فقال الرجل، معذرة يا سيدي فالحيوانات الأليفة غير مسموح لها بالدخول، فسكت الفارس لحظة ثم استدار على عقبيه، قائلا انه لا يود ترك رفيقيه، فهو عطش كما هما. حاول الرجل ثنيه عن ذلك، واصفا له ما سيجده في الداخل من طعام وفير وشهي وماء بارد وكل ما تشتهيه نفسه، إلا أن الفارس أصر على مواصلة سيره. وبعد مسيرة غير طويلة شاهد رجلا يتكئ على شجرة، وهو يطالع في كتاب، فسأله إن كان بإمكانه الحصول على بعض الماء، فرد هذا قائلا: طبعا، اذهب إلى ما بعد البوابة وستجد كفايتك مما تريد، فقال الفارس وماذا عن رفيقي، مشيرا إلى كلبه وحصانه، فقال الرجل بإمكانك اصطحابهما معك، فالعطش باد عليهما. وهكذا دخل الرجل ووجد الماء وسطلا وكوبا، فسقى رفيقي طريقه وشرب حتى ارتوى الجميع. عاد الفارس إلى الرجل وسأله عن المكان، فرد هذا قائلا بأنه في الجنة، فاصيب الفارس بالحيرة، وقال له إن من كان يقف أمام البوابة الأولى ادعى أنه يحرس باب الجنة! فرد الرجل قائلا، آه، أنت تقصد البوابة الرخام والساحة الذهبية، لا لا، هناك النار! فقال الفارس ألا تشعر بالضيق لما يدعيه؟ فقال الرجل: لا مطلقا، فأنا ممتن له، فهو يقوم بمساعدتي في التخلص ممن لا أريد، خاصة أولئك الذين يتخلون عن أفضل اصدقائهم، مقابل قليل من الماء!
رمزية القصة واضحة، وتأثيرها هائل، خاصة في عقول الناشئة، ويمكن استخلاص كثير من العبر منها في محبة الأصدقاء، وعدم التخلي عنهم والرفق بالحيوان، والرحمة، والانسجام مع البيئة، ولا أدري حقا لماذا لا تدرس في مدارسنا مثل هذه القصص، بدلا من الروايات التي تمتلئ بحوادث مرعبة وسفك دماء وتعذيب وقتل، والنتيجة نراها فيما يحدث من حولنا من طالبان وداعش وإخوان.
ملاحظة: بين تقرير الشفافية العالمي لعام 2014 في مدى كفاءة الحكومة في إنفاق الموارد العامة أن الكويت تأتي في المرتبة الأخيرة «جدا» بين دول مجلس التعاون، وفي المرتبة 92 عالميا!