التحذير من التخدير
ذكر رئيس جمعية تتبع للتنظيم الدولي للإخوان أنهم قرروا إغلاق لجنتي الدعية والنزهة للزكاة بسبب ضعف الإيرادات! ولكنه تناسى ذلك واكمل تصريحه بأنه من أهداف الجمعية تعزيز التواصل بين افراد المجتمع واحتواء الشباب وتعليمهم العادات والتقاليد الأصيلة! فكيف يتفق سبب الإغلاق مع ما سبق أن ذكره عن ضعف إيرادات الفرعين؟ فهل هدف الجمعية جمع المال أم التواصل مع شباب المنطقة؟
ان سبب الإغلاق الحقيقي سرعان ما ظهر على السطح، وكان بطلب حكومي لا علاقة له بتزايد مخالفات الجمعية، فهذه كانت معروفة وكانت تتكرر عاما بعد آخر، بل بسبب ضغوط وزارة الخزانة الأميركية، والأهم وقوف هذه الجمعيات، المسماة ب«الخيرية»، إلى جانب المعارضة! فبالرغم من كل ما اغدقته الحكومة عليها من نعم ومناصب حكومية فانها لم تتردد في عض اليد التي «أعطتها»، وبالتالي وجدت الحكومة منفذا عليها من خلال أطنان مخالفاتها، فتدخلت وأوقفت بعض انشطتها، وهذه الاجراءات لم تنطلق من واقع تنامي خطر الإخوان والسلف، وضرورة كبح جماحهم، بل لخطئها السياسي بالوقوف مع المعارضة، وبالتالي مؤسف أن تأتي الاجراءات الأخيرة، والخجولة غالبا، من هذا المنطلق وليس من واقع ما تسببت فيه من خراب سياسي وتربوي يصعب جدا إصلاحه.
وبالرغم من ان الحكومة قامت حتى الآن بإغلاق أكثر من 30 لجنة «خيرية» تابعة للإخوان والسلف، فان ايا من هذه الأطراف لم تبد أي اعتراض أو احتجاج على تهم التلاعب، وما يعنيه قرار إغلاق جمعية دينية من إهانة وطعن في المصداقية، وسبب السكوت معروف، وهو الخوف على ما تبقى لها، وما لا يزال تحت يدها، من أموال طائلة. ومعروف ان هذه الأموال السهلة الجمع سبق أن دفعت أطرافا عدة لدخول ميدان الجمعيات، ومنها شخصية سياسية متنفذة، وافقت لها الحكومة على ترخيص لجمعية «إنسانية»، ولكنها كرست لجمع التبرعات، وقامت الحكومة مؤخرا بإغلاقها أيضا ليس لمخالفاتها فقط، بل وأيضا في الغالب لعدم رضاها عن رئيسها.
والدليل الآخر على أن عدم جدية الحكومة في محاربة التطرف وجمع المال لتمويل أنشطة خارجية، هو موافقتها مؤخرا على ترخيص جمعية لتعزيز القيم، يشرف عليها من يعرف عنهم التطرف الديني، وهذه الجمعية ستكون ربما نواة لجمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! وبالتالي فإن عملية ضربة على الحافر وضربة على المسمار مستمرة، من دون وجود سياسة واضحة أو نظرة بعيدة، وهذا يعني أن التخبط الحكومي مستمر.