عشنا وعاشت حكومتنا
في منتصف الستينات قام مواطن معروف وابن شخصية كبيرة بنشر إعلان طالب فيه من يرغب في معرفة هدية «الأب لابنه البار»، بمراجعة الصفحة كذا من الجريدة الرسمية. وبمراجعتها تبين صدور حكم بيع مفروشات بيت المواطن سداداً لدين للأب على والده...البار!
ولمعرفة هدية الحكومة لأبنائها المواطنين البررة يرجى قراءة المقال حتى النهاية.
تقدّم موظفو وزارة العدل بعريضة لوزيرهم يطالبونه فيها بالموافقة على قيامهم بالعمل مساء، وفي أوقات إضافية، ومن دون مقابل، لإنهاء كل معاملات المواطنين المتأخرة منذ شهور، وذلك قبل حلول عطلة العيد. كما قام ضباط المرور بتقديم تصورهم لحل مشكلة المرور للوزير، ونال التصور موافقته، وسنرى بعد العيد كيف ستنتهي مشكلة المرور خلال ساعات. كما قام موظفو وزارة التربية بالطلب من وزيرهم، الذي خيّب أملنا فيه، وطلع مثله مثل من سبقه ومن سيلحقه، بإعطائهم الضوء الأخضر لتنظيف المناهج الدراسية من كل المواد المسيئة لأتباع الديانات الأخرى، وخلال فترة قصيرة.
كما قام موظفو الإسكان بالطلب من أسرهم السماح لهم للتفرغ الكامل لفترة أسبوعين، لوضع خطة يتم بها الانتهاء نهائياً من مشكلة تكدس طلبات الإسكان. وتكرر الأمر ذاته في وزارة الصحة ووزارة الأشغال التي ستحقق كل مشاريعها الإنشائية النسب المطلوب إنجازها، وربما النجاح في إنجاز طريق الجهراء ومستشفى الرازي الجديد قبل موعدهما، وحتى مباني جامعة الشدادية سينتهي العمل بها قبل عام 2025 بسنة على الأقل.
أما وزارة الأوقاف، فقد طلب كل الدعاة والمؤذنين والمشرفين على أنشطتها، الفاضية والمليانة، من المسؤول الذي لا يزال في منصبه بالرغم من كل ما كتب وقيل عن فساد البعض في وزارته، الموافقة لهم في المساعدة على تنظيف الوزارة من الفساد الذي عشش فيها، وتنازلهم عن كل «مستحقاتهم» التي لم يكونوا يستحقونها، وتعويض ذلك بالعمل الإضافي، من دون مقابل. أما وزارة التخطيط، فقد تعهدت بإنجاز كل الإحصائيات والبيانات المطلوبة منها قبل موعدها بأسبوع، وهي التي كانت تتأخر بها لأكثر من سنة.
أما الموانئ، وبعد مغادرة مديرها العتيد لكرسيه فيها، فقد تعهد موظفوها لوزير المواصلات بإيصال الليل بالنهار لإنهاء كل شكاوى شركات الملاحة والمستوريدن، وإثبات أنهم ليسوا بحاجة إلى مدير جديد.
أما البلدية، فإنها ستنجح، وللمرة الأولى في تاريخها، في الخروج بتقارير نظيفة من كل أجهزة المحاسبة والمراقبة، وحتى من جمعية الشفافية، التي لا يعرف أحد من الذي يديرها حالياً، بعد أن سلخ الفساد أوضاعها الداخلية. وتعهد موظفو البلدية والتجارة بالامتناع لمدة شهر عن استخدام مقولة: راجعنا باكر! وهكذا الحال مع بقية أجهزة الدولة ومؤسساتها. ومن منطلق رغبة الحكومة في مكافأة موظفيها على كل هذا التعاون والتفاني في إنجاز كل المعاملات المتأخرة، فقد قررت الضرب بقرار «الخدمة المدنية» عرض الحائط، وتمديد عطلة عيد الأضحى لتصبح تسعة أيام!