صديقنا القديم.. وزيرنا الجديد
أستطيع القول، مع الاحترام لقلة فقط من وزراء التربية السابقين، ان تعيين الأستاذ الأكاديمي بدر العيسى وزيرا جديدا للتربية، والتربية أولا، ولا يهم بعدها إن كان وزيرا للتعليم العالي أم لا، جاء في الوقت المناسب، وفي ظروف صعبة جدا تمر بها الكويت، أمنيا وأخلاقيا وتربويا!
بدر العيسى هو ابن مدارس الكويت وتربى وربي في أروقتها سنين طويلة، وكون فكرة من خلال أنشطته الأكاديمية وعضويته في لجان الجامعة وجمعياتها، ليس عن التعليم العالي فقط، بل وعما يأتي للتعليم العالي من مصائب من المراحل السابقة. وبالتالي نعتقد أن مهمة السيد الوزير الجديد هي الأصعب في تاريخ وزارة التربية، والأكثر دقة وحساسية، ولا أبالغ إن قلت أن مستقبل التعليم في الكويت للسنوات العشر المقبلة سيعتمد على ما سيتخذه من إجراءات طال انتظارها، والتي فشل كل من سبقه في اتخاذها، أو لم يرغب في اتخاذها، أو منع من اتخاذها، وهذه الأكثر احتمالا.
مشكلة وزارة التربية تكمن في شقين خطيرين لا يمكن حلهما بسهولة لارتباطهما بالوقت المتاح للوزير، وللطريقة التي تدار بها أمور التربية والتعليم في الكويت منذ اربعين عاما تقريبا. المشكلة الأولى هي المناهج المهلهلة، المترهلة وربما العنصرية، والمشكلة الثانية الأكثر إلحاحا هي عقلية أغلب الهيئة التدريسية التي «سهل» (بضم السين) للأحزاب الدينية المتخلفة السيطرة عليها! وأستطيع أن أؤكد هنا أن هناك اليوم مدرسين كويتيين يقوم زملاؤهم، وحتى نظار مدارسهم، بالطلب منهم حث تلامذتهم على الانضمام لصفوف المقاتلين في سوريا كما تردد، وهذا حدث ويحدث مع مدرسي مواد فنية وعلمية، فما بالك بمدرسي المواد الأخرى، الأكثر خطورة على عقلية الطالب! وبالتالي فإن دور المدرس في توجيه التلاميذ وتشكيل عقلياتهم، لا يقل خطورة عن فساد أو انحراف المواد التي تدرس لهم.
وعليه، فإن نصيحتنا للسيد الوزير الجديد، إن سمح لنا بذلك، هو تجنب المطب الذي وقع فيه كل من سبقه، وهو الغرق في الروتين اليومي للوزارة، ونقل فلان وتثبيت علان، فأغلب طاقم مكتبه محترف في تكديس ملفات مئات القضايا العالقة أمامه منذ يوم عمله الأول، وجميعها قضايا عاجلة ومهمة وتحتاج الى التفاته منه، هذا غير مشاكل الجامعة وإدارتها المتعبة! ولكن ليس هناك حقا ما هو أخطر ولا أهم من موضوعي المعلمين والمناهج، وليس هناك من يعرف ما تعنيه هاتان المشكلتان مثل الوزير الجديد.
وبالتالي نتمنى عليه ألا يخرج من الوزارة دون أن تحقق إصلاحا جذريا مع هاتين المعضلتين، أو مع احداهما على الأقل، وأن يتجنب أخطاء من سبقه. ومن المؤكد أنه لو تفرغ، في الستة أشهر القادمة لمهمة المناهج والمدرس لسجل التاريخ الوطني الكويتي له ذلك إلى الأبد. ومن المؤكد أيضا أن كل شيء آخر يمكن أن ينتظر لبعض الوقت، فالحياة أولويات. وإن لم يستطع فعل شيء بخصوص هاتين المشكلتين، أو منع من القيام بالتصدي لهما، فليس أمامه، من واقع معرفتنا بشخصيته، غير الاستقالة، بشرف!