أنا والمطارات (2/2)
قد يمر وقت طويل قبل أن ترسو مناقصة المطار الجديد على جهةٍ ما، وينتهى بناؤه، الذي يشبه أحد تصاميم «فيكتوريا سيكرتس». أثناء ذلك سنعاني لسنوات عدة من سوء خدمات المطار الحالي، الذي يتطلب قراراً حكومياً فعّالاً لتحسين وضعه المهترئ، وبغير ذلك ستسوء الخدمة فيه أكثر!
وقد اكتشفت خلال سفري المتكرر أن بعض مطارات العالم تُخضِع القادمين من مطارات محددة، ومنها الكويت، للتفتيش، حتى لو كانوا في طريقهم الى دول أخرى «ترانزيت»، ولا يخضع لذلك القادمون من مطارات دول تحترم نفسها، وبالسؤال تبين علمهم بسوء الإجراءات الأمنية في مطار الكويت! فهل يرضى وزير ووكيل الداخلية المحترمان بهذه السمعة السيئة لوطنهما؟! وإن كان الجواب بــ «لا»، فما هما فاعلان؟!
ليس غريباً القول ان مطار دبي هو الأفضل في العالم، إن من ناحية التصميم، المرافق، التسهيلات، أو الإجراءات الأمنية.. وغير ذلك. كما تتبع فيه أنظمة أمنية سهلة لا تتبع في أي مطار آخر في العالم. ويمكن القول ـــ أيضاً ـــ ان مطار الكويت هو الأسوأ في المنطقة، مقارنة بغيره، وحتى من تلك التي بُنيت بأموال كويتية. وعلى الرغم من اعتراض الكثيرين على وضع مطارنا وإدارته، ورد الإدارة على منتقديها بوضع المسؤولية على عاتق قانون المناقصات الذي يلزمها باستخدام الأرخص، خدمة أو مادة، فإن هناك لبساً في هذا الموضوع!
فما ذكرته إدارة المطار ذكره آخرون أيضا في معرض انتقادهم لسوء مصنعية الكثير من المشاريع والخدمات، واضعين المسؤولية على أسلوب الترسية المتبع، وهو أقل الأسعار. ولكننا نشعر بأن الأمر لا يتعلق بهذه الجزئية بقدر تعلقه بفساد معظم الذمم السائد! فالقانون يشترط غالبا الترسية على أقل الأسعار على افتراض أن المناقصين متساوون في الأهلية والقوة المالية، وأنهم قاموا بدراسة شروط ومواصفات المناقصة، والمطلوب تنفيذه، وأن أسعارهم ستتفاوت، تبعا لخبراتهم، وبالتالي من المنطقي ترسية المناقصة على الأكثر دراية وخبرة بالمشروع المطلوب تنفيذه او المواد او الخدمة المطلوب توريدها، من خلال اختيار السعر الأقل. ولكن المشكلة تبدأ غالبا بعد الترسية، وليس للسعر دخل هنا.
فلو كانت الدولة جادة وتحاسب المسيء والفاسد، لكان الخراب في إنجاز المشاريع أو توريد السلع والخدمات في حده الأدنى. فمن واقع معرفتي التي تمتد لأربعين سنة في هذا المجال، فإن مواصفات المواد والخدمات والمشاريع التي تتطلبها الدولة هي الفُضلى عالمياً. ما يحدث غالبا أن قلة فقط ممن يفوزون بمناقصة ما يتقيّدون بالمواصفات. وهنا يلعب خراب الذمم دوره، إن كان مراقبا للمشروع أو أمينا للمخزن! «فالخش والدس، ودهان السير هو السائد»! إذاً، المشكلة أخلاقية، ولا علاقة لموضوع أقل الأسعار بسوء الإنجاز. فحتى لو رست المناقصة على أعلى سعر، فإن بعض المورّدين او المقاولين سيقدمون مادة أرخص، بشراء ذمة المراقب أو أمين المخزن! الحل موجود، ولكن القرار مغيب!