مؤسسة الزواج
مرت قبل ايام الذكرى الأربعون لزواجي وشريكة حياتي، كنت خلال تلك الفترة وما أزال سعيدا، ولا اعتقد ان امرأة كانت ستسعدني اكثر منها، مع الاعتذار لسوسو وسعاد ونوال ومنى وأمل وجورجيت وسارة وووو!، ولكن هذه السعادة والرضا لا تعنيان أن مؤسسة الزواج محصنة من الانتقاد والسخرية، بل هي في الحقيقة هدف كبير للكوميديين والكتّاب وواضعي سيناريوهات الأفلام والمسرحيات والمسلسلات التلفزيونية. فليست هناك علاقة بشرية أكثر تعقيداً وجلباً للسعادة والاضطراب في الوقت نفسه كالزواج. فكما أن الزواج مصدر إلهام وسعادة وإبداع ونجاح، فهو كذلك مصدر حزن وبكاء وخلافات ومحاكم وإحباط وكآبة. وكان الكاتب الروسي الكبير ليو تولستوي يقول انه ينصح كل الرجال، وفي جميع الأحوال، بالزواج، فإن نجح فسيكون سعيدا، وإن فشل فسيصبح فيلسوفا!
ويقول الكوميدي الأميركي جيري ساينفلد jerry seinfeld ان الفرق بين البقاء أعزب أو متزوجا هو نوع من أنواع الحكومة أو الحكم. فالأعزب هو كالدكتاتور، يتحكم منفردا في كل شيء، فهو يصدر الأوامر لنفسه بالبقاء مستيقظا أمام التلفزيون أو النوم على الكنبة، او الاستيقاظ ساعة يشاء، دون أن يكون لأحد الحق في نقض قراراته. أما عندما يتزوج فإنه يصبح جزءا من منظومة اتخاذ قرارات كبيرة. كما يصبح من الضروري عقد مجموعة من الاجتماعات وتشكيل لجان قبل اتخاذ أي قرار، هذا إن نجح الزواج! ولما يؤلم في قضايا الطلاق ان الرجل يتم «خلعه أو عزله» من منصبه كرئيس، من دون ان يكون رئيسا أصلا.
وتقول طرفة عن الزواج ان رجلا اصطحب أعز اصدقائه لبيته لتناول طعام العشاء معه. وما ان دخل البيت، وأغلق الباب خلفه وصاح بأعلى صوته ليخبر زوجته بوصوله وصديقه للعشاء، حتى سمع اللعنات تصدر من غرفة النوم، ولتخرج منها قائلة: هذه مزحة ثقيلة، فشعري يحتاج إلى الغسل والتنشيف، كما أنني لم أبدأ حتى بوضع المكياج، والمطبخ في حاجة للتنظيف، ووضع غرفة الجلوس يرثى له، وما أزال ارتدي البيجامة، وبالتالي لن أكترث، وأنا في هذه الحالة المزرية، لتحضير العشاء لك ولصديقك هذه الليلة، فلماذا، بحق السماء، احضرته معك؟
فرد الزوج ببرود قائلا: لا تكترثي يا عزيزتي، فالحقيقة انه يفكر في الزواج فوعدت أن أريه عرضا حيا لما يعنيه ذلك!