عذراً يا الصراف استقالتك مرفوضة
فاجأنا الأستاذ أحمد الصراف بمقاله المنشور في القبس يوم الأحد 21 ديسمبر 2014، الذي حمل عنوان «ما قبل الوداع»، حيث يعلن الأستاذ الصراف عن نيته التوقف عن الكتابة، لأنه لا جدوى من الكتابات الجادة والتنويرية، كما يقول. ويعلن عن نيته الانسحاب من السلطة الرابعة، وأنه سيترك مساحته في القبس لمن يسعد بانسحابه، كما أشار هو أيضاً.
ونحن نقول له لا يا أبا طارق، ما هكذا يكون انسحاب الفرسان من معركة الواجب الوطني، وقد عهدناك فارساً في الحق، لا ترجّح كفة على كفة من أجل منفعة شخصية، وكانت توجهاتك دائماً تصب في مصلحة هذا الوطن، ومنذ نعومة أظفارنا ونحن نحلم بوطن جميل يسوده الحب والعدل والحرية والنهضة الفكرية.
انسحابك وتوقفك عن الكتابة يا أخ أحمد ليس حلاً، ولا خيارك بمفردك حتى تقرره من طرف واحد، لأن هناك عقداً اجتماعياً وإنسانياً بينك وبين عدد كبير من القراء الذين يتابعونك ويؤمنون بأفكارك ورؤيتك حول الواقع والمستقبل. أزعم أن أحدهم لا يشتري القبس إلا من أجل أحمد الصراف، هذا واقع وليس نفاقاً، لأن كل كاتب في العالم له جمهوره ومتابعوه الذين يوافقونه الرأي ويسعدون بالتواصل معه، ولا أتصور أن 20 عاماً من الكتابات الجادة التي تشخّص الأمراض وتطرح الحلول لم تخلق لك قاعدة كبيرة من جمهور المتابعين، والتي تتخطى حدود الدولة الكويتية إلى قراء من الدول العربية المجاورة.
من قال إن مقالاتك لم تؤثر في الناس؟! وإن كانت لا تؤثر في الحكومة حسب قولك. الحقيقة أن الكثير والكثير من القراء استفادوا من كتاباتك وغيّروا من سلوكهم وأنفسهم، كما أراهن بأن هناك الكثير من الناس، أيضاً، يخشون قلمك الجريء في الحق.
لقد قلت في معرض استقالتك للناس واعتزامك التوقف عن الكتابة إنك تجد معاناة كبيرة في نظم المقالات الجادة، ووصفتها بأنها رسالة اجتماعية ووطنية، ألا تستحق رسالة الوطن أن نتحمل من أجلها كل المحبطات؟ نعم، من حقنا أن نحبط، لأن ما يتحقق على الأرض لا يتناسب والحد الأدنى من طموحاتنا لهذا البلد العظيم، ولكن يجب ألا يستمر الإحباط أكثر من زمن كتابة المقال.
نرجو منك يا أخ أحمد أن تعيد النظر في الاستقالة، لأن جمهور متابعيك سينتظر مقالاتك في السنة الجديدة. استمر في طرح الحلول الناجعة لكل مشكلاتنا والتي تناولتها من قبل، وقلت إن الحكومات المتعاقبة لو أخذت ببعضها لتبدل الحال وأصبح غير الحال على جميع المستويات.
وإن كانت جريدة عريقة ومحايدة كـ القبس لم تنشر بعض مقالاتك، فلربما يكون ذلك بسبب سياسة مؤقتة أو مرحلية بالجريدة، ولكن تبقى القبس منبراً حراً ووطنياً، والصحيفة المثلى للنشر.
وأخيراً، ألا يستحق إنسان واحد يتابعك أن تعدل عن نيتك الانسحاب من أداء الواجب الوطني؟!
سعود العرفج
تعليق
صاحب بيت
لم نشكّ لحظة في أن الزميل أحمد الصراف خرج من بيت القبس لكي يعود اليه، كما لا نعتقد أنه من طراز الناس والكتاب الذين يفكون «العقد الاجتماعي» بينه وبين القراء من طرف واحد، ولا ذلك الإنسان الذي ينسحب في منتصف الطريق وعندما يشتد أوار المعارك..انه بيننا ومعنا كما كان دائما.
ونبشرك يا أستاذ سعود العرفج بأن الزميل الصراف عائد قريبا جدا ليطلق إنارته من زاويته، ويحلّق بكلماته ويفتح السُّبل ويهدي البصائر.
وما حصل، لا يتعدى كونه «غيمة طارئة» مرت ولم تصبح حتى سحابة، وهي غيمة خير، تحمل من العطاء ما يجعل سهول الكتابة مرتعا للحرية، سيظل صداها طالما وجدت القبس منبرا لكل الأقلام الحرة والعميقة، حارسة الكلمة وحاملة ثراء المعارف والأعراف، القيم والمُثل التي جبلنا عليها.
تحية لكل من سأل واستفسر (وهم كثر) وأعان واستعان، لكي نبقى كما عهدتمونا، سارية المشاعل، والقبس التي لا تُفتقد في الليلة الظلماء.
لا نقل أهلا وسهلا بكم زميلنا أحمد الصراف، فأنتم أصحاب الدار وأمثالكم هم من يضيّفون الكلمة ويبذرون ويجنون ثمارها، متألقين دائما بوجودنا معا، الآن وفي كل المسارات.