ولهت عليها.. كي أنهبها!
أحمد الصراف
مشتاق لشارع الخليج، والتمشي على البحر. مشتاق لزحمة الطريج والدائري الخامس الظهر. يبيله دوه وكستنة، يبيله أطلع الحداق.
فاقد الشمس وفاقد الدفه.. ولهت عليها ولهت عليها، ولهت عليها.
مشتاقة للاهل وزوارة يوم الجمعة واليمعة.
مشتاق أعفس غرفتي وارجع ألقاها مرتبة مزهبة. من مده مو لاعب كره من مده مو شارب كرك.
فاقد الجمعية والخباز ودوار البنك. يبيله سمره ودقدقه، وينه مخيمنا الصعب، فيني غني فيني طرب.. ولهت عليها، ولهت عليها، ولهت عليها.
حلاقي مافي غيره قبل، أهوه اللي يضبط القفل، والسكبة وين، وكشختي، وساعة أنسف غترتي. فاقد الطبخ الأصيل، فاقد الأكل الثقيل الى طعمه مستحيل.
ولهت عليها، ولهت عليها، ولهت عليها.
هذه كلمات كليب مدته لا تزيد على 140 ثانية قامت بإنتاجه شركة زين بمناسبة أعياد الكويت الوطنية القادمة، وموضوعه يتعلق بحنين ابنائنا الطلبة في الخارج الى وطنهم والى جميل ذكرياتهم، والى طبخ أمهاتهم، ومعاناتهم مع الحياة في الخارج، وصراعهم مع الطقس البارد، والثلوج والأطعمة الباردة والسريعة، وشوقهم الى طلعات البر وتجمعات الأهل. وهو كليب جميل ومتقن في إخراجه. ولكن!!!!!!!!!!
هل صورة الكويت اليوم في اذهان هؤلاء الطلبة هي الجمعية ويمعة يوم الجمعة؟ هل الكويت الوطن هي وطن النخي والباجلا، والتمشي في شارع الخليج؟ وهل العودة لها تعني حقا هذه الأمور، أم أن هناك اشياء أكثر أهمية وخطورة؟ وهل حقا يودون أن يعودوا بشهاداتهم لخدمتها، كل في مجاله؟ وهل الكويت في اعينهم هي نظام سياسي وحكومة رشيدة وبرلمان منتخب ونزاهة وعدالة ووظائف تتوافر لأكثر المتقدمين كفاءة؟ وهل الكويت هي وطن محاسبة ومعاقبة كل مسيء ومكافأة كل مجتهد وشريف ومبدع؟ أم هي مجتمع الوساطات وإكرام سارق المال العام واحترام كبار الرشاة والوشاة، وسجن الشريف وتسفير رعاة الشاه؟
وهل فعلا يفكر الطالب الكويتي في العودة الى وطنه لكي يقف امام دوار ويشتري «البنك»، ام يفكر في العودة لنهب بنك؟ وهل هو بالفعل في شوق لأكل الكستنة، أم لأكل افضل الوظائف عن طريق استغلال علاقاته الأسرية للحصول على وظيفة دسمة يثرى سريعا من ورائها؟
هذه هي الحقيقة، فقد خُرب ابناؤنا قبل ان يصلوا الى الكويت! فليس هناك سر بأن الجميع، داخل الكويت وخارجها، قد اصبح يملأه إحساس بأن الوضع الأخلاقي في البلاد قد تدهور، وأن قاعدة «من صادها عشى عياله» هي السائدة الآن، أكثر من اي وقت مضى. فقصص النهب والاحتيال وشراء الذمم وتوزيعات الليل وشراء ولاء بعض النواب بملايين الأجيال القادمة، اصبحت معروفة.
نعم، نحن جميعا ولهنا على الكويت، ولكن كويت المحبة والمحاسبة والأمانة والأخلاق وليس كويت النهب وسوء الإدارة وتخريب الذمم.