عودة الوعي إلى شارلز
أحمد الصراف
تواجه المجتمعات الغربية ذات الجاليات الإسلامية الكبيرة، كفرنسا والمانيا وبريطانيا، مشكلة تتعلق بكيفية التعامل مع اتباع هذه التجمعات المنغلقة على نفسها.
في البداية، ومع زيادة الهجرة اليها في ثمانينات القرن الماضي، كان الوضع عاديا، وأقرب الى التسامح معها، بل وبذل الكثير لإرضائها، ودفعها للاندماج في مجتمعاتها الجديدة. ومن هنا سمح لهم بالتوسع في إنشاء دور العبادة وفتح المدارس، حتى الدينية منها. كما صدرت، مرحلة تالية، أنظمة تشجع المسلمين على الاحتفاظ بثقافتهم، من خلال قوانين تعدد ثقافة المجتمع الواحد، والاعتراف بدور ما لأحوالهم الشخصية الإسلامية. ولكن هذا لم يؤد إلا الى زيادة شهية قياداتها الإسلامية ودفعها للمطالبة بـ «حقوق» اكثر، وقابل ذلك تنازلات أكثر من الجانب الآخر. وزاد من سوء الوضع او تفاقمه، ما اصبح للبترودولار من دور خطير في إدارة المراكز الدينية في الغرب وتكريسها لخدمة مذاهب الدول الراعية لها. وهكذا اصبحنا نرى تزايدا في العنف الديني وفي عدد مرتديات الحجاب والنقاب والجلابيب الرجالية، وبالتالي اصبح أمل اندماج المسلمين في مجتمعاتهم الجديدة أمرا صعبا حتى مع الجيل الرابع منه، الذي ولد هو ووالده وجده في الغرب! وكان لشخصيات اجتماعية وسياسية غربية دور كبير في وصول وضع المسلمين في الغرب الى هذا الوضع المؤسف، عندما اعتقدوا في مرحلة ما بقدرة الثقافة الغربية على استيعاب التجمعات الإسلامية وصهرها ضمن محيطها الأوسع، كما حصل مع بقية التجمعات كالهندوس والصينيين، ومن هؤلاء السياسيين الأمير شارلز، ولي العهد البريطاني، الذي كان له دور كبير في تأسيس مجلس أكسفورد للدراسات الإسلامية، والذي اكتشف مؤخرا مدى خطورة ما كان يدعو إليه على مدى ثلاثين عاما من أن شهية الجماعات الإسلامية في أوروبا ليس لها حد، وسياسة «خذ وطالب»، التي نفعتهم كثيرا، لن تتوقف، وبالتالي كان لا بد للأمير المثقف، الذي أشيع عنه اعتناقه الإسلام لكثرة ما قاله من كلام جميل عنه، أن يكتشف خطأ الكثير من توجهاته، وبالتالي خرج علينا مؤخرا بتصريح حذر فيه من تفاقم الفكر المتطرف، وكشف عن مخاوفه من تزايد تجنيد الشباب البريطاني في صفوف التنظيمات الإرهابية. ودعا مسلمي بلاده الى الالتزام بقيم المملكة المتحدة، وقال: طالما جئتم للعيش في بريطانيا فعليكم احترامنا، وأننا كنا نعتقد أن شبابا جاؤوا وولدوا هنا وذهبوا إلى مدارسنا سيمتثلون لهذه القيم، ولكن الأمر لم يكن كذلك!
وهكذا نرى أن ليس أمام مسلمي الغرب غير الاندماج في مجتمعاتهم، او العودة للدول التي قدموا منها، وبغير ذلك فإن الكارثة قادمة، والصدام بين المجتمعين حتمي!
ملاحظة:
بمبادرة من السفير النمساوي، استقبلت أمس«لوياك» وفد البرلمان النمساوي، وذلك للاطلاع على تجربة تنموية شبابية فريدة، وعمل جماعي رائد يهدف الى محاربة التطرف والإرهاب. وقامت الحكومة بدورها بنصيحة اعضاء الوفد لزيارة أحد المجمعات التجارية، ليشاهدوا كيف يعمل الفلبيني وكيف يغازل الكويتي!