عذرا يا شهداء الأقباط
على الرغم من أن نبي الإسلام أوصى بكم خيرا، وعلى الرغم من أنكم أصل اهل مصر، وجذوركم في تربتها الطيبة ضاربة في
العمق، وأنتم أصل أجمل فروعها، لكن السفهاء منا لم يرحموا حال حتى الفقراء والمعدمين منكم، الذين تركوا الأهل والولد، وتغربوا عن الوطن بحثا عن لقمة عيش شريفة، فتلقفتكم سكاكين قصابي داعش، لا لشيء إلا لأنكم عمال فقراء.. ونصارى!
لقد ظُلمتم من حيث لا تدرون وظلم أهلكم، وظلم وطنكم، ومعكم ظلمت الإنسانية فينا جميعا، ولكنهم قتلة وسفهاء، فما الذي نستطيع فعله معهم؟! ولكن ما بالنا نحن، وكيف نعجز عن مد يد العون لكم، ونحن الذين وعدنا ورثتكم بشيء يستر عوزهم، ويمحو ما في صدورهم من غل وحقد على كل مسلم ومسلمة؟
لقد سعيت جاهدا الى أن أجمع لورثتكم شيئا يستر حاجتهم للسنوات العشرين القادمة، على الأقل، وكسبت دعم القبس المعنوي واستعدادها لخوض حملة جمع مبلغ يستثمر ليوفر لأهاليكم بعض ما كنتم ترسلونه لهم، فكتبت مقالا أطلب فيه من أصحاب القلوب الطيبة والنفوس الكريمة تلبية نداء الرحمة والإنسانية، ومشاركتي في التبرع لهذا المشروع الخير، وكان التجاوب اجمل مما توقعت بكثير، مما شجعني على الاتصال بوزيرة الشؤون للحصول منها على ترخيص لجمع التبرعات وكان تجاوبها سريعا، حيث طلبت من احد كبار الوزارة الاتصال معنا لبحث الأمر، فقام هذا شاكرا بربط موافقته بقيام إحدى الجمعيات برعاية حملتنا، وهنا قمت بالاتصال بجمعية معروفة، ولكنها اشترطت أن نضع مع هؤلاء الواحد والعشرين شهيدا أربعين شهيدا آخرين من جنود الجيش المصري الذين سقطوا قتلى على يد مجرمين وإرهابيين آخرين من إخوان وداعشيين، لكي لا تبدو حملتنا وكأنها مقتصرة على مساعدة أتباع دين دون آخر، فاعترضت لأن الخلط في هذا الأمر سيفقد رسالتنا نكهتها، ويبعد عنها ما كنا نهدف اليه من نبذ للعنصرية الدينية والتطرف الأحمق، ولكن كان موقف الجمعية واضحا، وبالتالي ضاعت جهودنا بين كتابهم وكتابنا، ورسالتنا ورسالتهم، لينتهي الوضع إلى.. لا شي! ولو كنا جهة تجمع المال لشراء السلاح لهذه الجهة الإرهابية او تلك المتطرفة لما واجهتنا اي عراقيل، وذنبنا أننا أعطينا الأصول حقها، ورفضنا نصح الكثيرين لنا بالسير في عملية جمع المال وإرساله لأصحابه، ولتفعل الوزارة بعدها ما شاءت.
نشكر كل إنسان كريم اتصل، من سيدات ورجال، ومن قراء نعرفهم ومن لا نعرف، والمجال ضيق لذكر اسمائهم جميعا، من داخل الكويت والأكثر من خارجها، عارضين مساهماتهم الكريمة. ولكن يؤسفني أن اعترف بفشلي، للمرة الأولى، في مجال فعل الخير، سرا وعلنا.