الحرية والحب وليس الحرب
أحمد الصراف
لا يمكن إلا الشعور بالقلق واختلاط المشاعر عند سماع قيام قوات عربية بمحاولة القضاء على حركة انقلابية في دولة عربية أخرى، من خلال عملية عسكرية جوية مدعومة من دول «حليفة» أخرى، والتي قد تتحول قريباً لحرب برية مكلفة ومؤذية لجميع أطرافها. ومهما كانت نوايا وأهداف التحالف، فإن الوضع في اليمن الذي لم يكن يوماً سعيداً، سيسوء أكثر، مع زيادة ما ستسبب به هذه الحملة الأخيرة من تخريب وقتل ودمار. وهنا لا أتعاطف مع الحوثيين، وحلفائهم الإيرانيين، فأنا ضد أي استقطاب طائفي أو ديني، وأعتقد أن نهاية الحوثيين قريبة، ولكن الحروب لم تأت. يوماً بالخير لغير تجار السلاح.
من الواضح أن هدف التحالف هو منع حركة الحوثيين من السيطرة على كل اليمن، مع اقترابهم من مضيق باب المندب، وهذا لا يمكن أن يتم بغير تدمير ما تبقى سليماً فيه، إن بقي شيء! فالحوثيون الزيديون، الذين فقدوا أهميتهم مع سقوط نظام الإمامة في نهاية خمسينات القرن الماضي، لن يتخلوا بسهولة عما جنوه من مكاسب عسكرية، وما تمتعوا به من سلطة، وإن فقدوها، فسيسعوا لاستعادتها، مما يعني أن الصراع بين أطراف النزاع لن تنتهي في ميادين القتال، خاصة إن لم يكن لدى أطراف الكثير ليفقدوه، كما أن حلفاءهم سيستمرون بتزويدهم بالمال والسلاح. وبالتالي فإن الحملة الأخيرة قد لا تحل مشكلة اليمن، والقتال ضد الحكومة المركزية، أيا كانت، لن ينتهي، وهي حرب أهلية أبدية، خاصة أنها حرب إقليمية بقوات قبلية يلعب الدولار الدور الأكبر فيها، وليس المبادئ ولا القيم ولا الأخلاق، ولا حتى المذهب الديني، والدليل أن علي صالح، الرئيس اليمني السابق، وقواته القبلية العسكرية هم حلفاء الحوثيين الكبار، إضافة لإيران وحتى بعض الأحزاب العروبية. ومن المهم أن نبين هنا أن كل ما تواجهه اليمن اليوم من كوارث كان سببها، ولا يزال، الرئيس السابق (صالح)، الدكتاتور الذي امتدت فترة حكمه لأكثر من ثلاثين عاماً، فما حدث فيها بعد سقوطه، ولايزال يحدث فيها، كم حدث ويحدث في العراق وسوريا وليبيا، هو نتيجة مباشرة لسنوات الحكم الفردي، وانعدام الحرية والديموقراطية فيها على مدى عقود عدة.
والخلاصة أن المراقب المحايد لا يستطيع إلا أن يكون ضد أي حرب، خاصة بين «أشقاء»، والحل ليس في الحرب بل في الحرية، والمزيد من الديموقراطية، والتي لا يمكن أن تتحقق بغير الليبرالية والعلمانية، وهذه مستحيلة تحت حكم الحوثيين. كما أن نسبتهم، مقارنة بإجمالي سكان اليمن، ضئيلة جدا!
ملاحظة: عدت بالأمس للوطن، واتجهت مباشرة لبيتي بسلام وأمان، وسأذهب صباح اليوم بنفسي لإدارة أمن الدولة والنيابة للتحقيق معي في الشكوى التي رفعتها ضدي حكومة إيران الإسلامية. موتوا بغيضكم أيها المتشمتون!