الظالم والمظلوم

يطلق على أي فكرة شائعة عن شعب أو مجموعة وصف الـstereotype، أو الفكرة النمطية، كأن نقول ان الإيطاليين ثرثارون، أو إن الفرنسيين مهووسون بالعطور! وبالرغم من أن مثل هذه التعميمات لا تأتي عادة من فراغ، فانها غالبا ما تكون ساذجة، وهي حتما لا تنطبق على الجميع. وفي الكويت نقول: الشر يعم، والخير يخص! أي ان قام أحمد بفعل طيب، فأحمد إنسان طيب، وإن فعل سيئا فالكويتيون سيئون! وبالتالي من السهل مثلا القول ان البنغال في الكويت هم سبب الكثير من الشرور. فبالرغم من حقيقة أن بينهم نسبة غير بسيطة من محترفي الاحتيال، فان الغالبية ليست كذلك. وقد نشرت القبس قبل ايام تقريرا عن العمالة الآسيوية، بينت فيه وجود أكثر من 330 ألفا منهم يعملون من خلال مئات العقود الحكومية. وأن البنغال أكثر احترافا من غيرهم في الاستفادة من وضعهم كعمال، خاصة في الجهات الأكثر علاقة بالجمهور.

وورد في التقرير أن عملهم يتجاوز بكثير مهامهم الأساسية، وهي التنظيف وضيافة الشاي، لتمتد لتوسطهم في إنجاز المعاملات، ونقل الخطير من الملف، ونقل عينات الدم وحتى القيام بالكثير من أعمال الممرض! 

ويعزو البعض خراب ذمم بعض العمال لضآلة رواتبهم، مما يدفعهم لخلق ظروف عمل صعبة داخل مؤسساتهم، بحيث يضطر المراجع الى الاستعانة بهم. ولكن الحقيقة ان الأمر، برأينا، أكثر تعقيدا من ذلك. فهؤلاء العمال لا يمكن أن يحصلوا على شيء من المراجع لو كان النظام الإداري أقل ترهلا وخرابا. كما أن عدم اتباع طريقة one stop shop، أي إنهاء المعاملة في جزء واحد من الإدارة، يجعل أمر الاستعانة بهؤلاء ضروريا، خاصة إن علمنا بمدى صعوبة التنقل في أروقة الكثير من الإدارات، وتعطل المصاعد واكتظاظها بالمراجعين.. الخ!

كما أن هؤلاء العمال يقومون في أحيان بتزيين الإثراء غير المشروع لمدير الإدارة أو القسم، والتكفل، أحيانا، بأعمال غير شرعية نيابة عنه، فرقصة التانغو تتطلب وجود راقصين. ولكسل المراجع والموظف، ورفضهما التنقل لتوصيل أو تسليم الملفات المهمة أو الحساسة، يتنامى دور عامل النظافة وتزداد قدرته على الخراب. والدليل على ذلك أن هذه النوعية نفسها من العمالة التي تعمل في جهات كالمصارف والجامعات الخاصة لا تقوم بالدور التخريبي نفسه، وذلك لغياب البيئة الخربة. وبالتالي كلما زاد خراب وفساد الوزارة زاد فساد عمال النظافة فيها، وليس العكس. والحل لهذا الوضع الشاذ ليس في القضاء على هذه النوعية من العمال، أو منع دخولهم للبلاد او مراقبتهم، بل بتحسين بيئة العمل!.. وإن حدث ذلك، فتعال قابلني.

الارشيف

Back to Top