عندما وقفت وحيدا
لا أعرف عدد المرات التي وقفت فيها مشدوها، وانا استمع من الشيعي ما لا يمكن نشره من أوصاف في السني وعنه، وما سمعته، أو ما قرأته من السني من أوصاف، يندى لها الجبين خجلا، في الشيعي وعنه، وبما اعتقده . واعتقد غالبية هؤلاء بأني بي مس من "الخبل"، أو التطرف، أو في أحسن الأحوال، التقية في والحياد، ولكني كنت ابعد ما أكون عن الحياد فقد كنت ولا أزال متطرفا في آرائي، وهو تطرف محمود لا ضرر منه، ولا يستهدف تشويه سمعة أحد أو الطعن في آراءه أو في ظهره بسكين! نعم، وصفت بالكافر، وبالمتطرف والملحد والمتخفي، والصفوي وغير ذلك من أوصاف، وغالبا من "النخبة المتعلمة" قبل الجهلة. وهي اوصاف دفعتني أحيانا للتساؤل عن صحة موقفي، ولماذا أقف وحيدا ضد تيار كاسح ومتطرف اعمى لا يعرف التسامح ولا الرحمة، وهل أنا على حق وكل هؤلاء على باطل؟ بالرغم من فداحة الجريمة التي وقعت في مسجد الصادق إلا أن رد الفعل الرسمي والشعبي، بخلاف زيارة سمو الأمير لموقع الحدث مباشرة، لم يكن مشرفا ولا مقبولا وإن دل على شيء فعلى اننا لا نزال لم نتعلم شيئا، أو لا نريد أن نتعلم، بان المجرم ليس من فجر نفسه في المسجد، والذي نزلت عليه لعنات الجميع، والتي لم تكن أكثر من كلام فارغ لا معنى له، بل المجرم من سكت على مدى ثلاثين عاما، او على الأقل في السنوات القليلة الماضية، على كل ذلك الشحن والاستعداء الطائفي الرهيب في بغضه ضد الشيعة عموما. ما هو ذنب هذا الانتحاري الجاهل الذي سمع وقرأ، على صدر صفحة جريدة كويتية "وطنية"، من يناشد داعش لنحر الشيعة وأن يتركوا له عشرة منهم "ليستمتع بنحرهم"، ومع هذا لم يتخذ ضده اي إجراء جاد؟. ما هو ذنبه إن سمع، من على منبر مسجد "حكومي"، رجل دين معروف يقول بأن الشيعة أخطر من اليهود والنصارى؟ ويترك الرجل لحاله، ليستمر في بث سمومه. ما هو ذنب هذا الانتحاري، كويتيا كان أم بدون، إن سمع، ومن على منبر مسجد آخر، من يقول بأن أهل السنة أفعال وليس شق جيوب وضرب صدور، فالشيعة ما هم إلا كلا...، وفرقة "شاذة منحرفة"، تقوم بين الفينة والأخرى برفع رأسها أو عقيرتها فيأدبهم أهل السنة! نعم، الانتحاري لا يلام بل يلام من علمه، وأجاد في تعلميه، لأن يكون إرهابيا، فهل لدينا الشجاعة الكافية لأن نشير بإصبعنا للمجرم الحقيقي، أم سنستمر في نشر الفكر المتطرف من جهة وننادي باللحمة الوطنية وبالوحدة من جهة أخرى؟ هل سيأتي يوم يختفي فيه هذا التطرف، من قلوب وعقول الكويتيين؟ إنني أتساءل فقط، حتما بغباء، فالجواب معروف، وكتبت عنه مرات عدة، ولكن لا أحد، في هذا الشهر الفضيل، على استعداد للعمل به، وبالتالي سيستمر مسلسل الإرهاب، وستستمر "لحمتنا الوطنية"!.