المصير المحتوم

">يبدو أن الوضع في العالم العربي/ الإسلامي قد وصل إلى مرحلة أشبه ما تكون بجسم إنسان مشوه، عيونه مثبتة خلف رأسه، وباقي جسده متجه إلى الأمام، فلا هو قادر على السير إلى الخلف، ولا التقدم إلى الأمام! 


***

تجمع غالبية «علماء» الإسلام على أن الكفّار هم باختصار «جميع بشر الكرة الأرضية»، عدا المسلمين! ولكن قلة ترى، وعددها بازدياد، التوسع في قائمة الكفار لتشمل حتى بعض الطوائف الإسلامية. 

كما يجمع هؤلاء العلماء على كيفية التعامل مع الكفار، فهناك كفّار من أهل الكتاب كاليهود والنصارى، وهناك كفار من أهل شبه الكتاب كالمجوس. وهذه الفرق الثلاث تترك لدينها، شريطة دفعها الجزية للمسلمين، وهم صاغرون! وإن رفضوا حل قتالهم وقتلهم.

أما بقية البشر من عبدة الأصنام والكواكب، وأتباع بوذا وبراهما وكونفشيوس وشنتو، وغيرهم، فليس أمامهم غير دخول الإسلام أو أن يقتلوا، هكذا بكل وضوح! وعلى هذا الأساس يتصرف تنظيم داعش، مع ميل زعامته إلى التوسع أكثر في وصف «الكفار»!


***

يلاحظ دارس التاريخ الإسلامي أن تنظيم أو حركة داعش الإرهابية ليست الأولى، وليست الأكثر بطشاً في التاريخ، فقد سبقتها دويلات كثيرة، كان مصيرها في نهاية الأمر، وبحكم طبائع الأمور، الزوال. فالدولة الأموية جاءت نتيجة انقلاب على وضع قائم، والدولة العباسية جاءت كذلك انقلاباً على وضع قائم، والأمر ذاته ينطبق على الدولة الأيوبية وقبلها الفاطمية ثم العثمانية وعشرات الثورات والانقلابات التي انتهت بعد فترة، ولكن ما يجعل ظاهرة داعش، لدى البعض، فريدة، ليس توسعها السريع وبطشها الغريب، بل الإعلام العصري، الذي لم يكن متوافراً إلى ما قبل نصف قرن مضى، دع عنك قبل ألف سنة، تخللتها قيام دول وممالك وحركات عصيان لا عد ولا حصر لها، وكان بها من القتل والبطش وفنون التعذيب ما لا يخطر على بال إنسان، بل كانوا مدرسة غير مسبوقة في التعذيب، وهي التي ينهل منها «داعش» اليوم تعاليمه، ويستنبط منها طرق القتل والتعذيب.


***

المنطق وطبائع الأمور تقول إن «داعش» إلى زوال، طال الزمن أو قصر، فهو ليس أكثر من حالة طارئة شاذة لا يمكن إلا أن تنتهي، وتموت مع موت كل من ينتمى إليها. فليس أمام التنظيم مستقبل غير خيارين، إما الاستمرار في حالة العداء مع العالم أجمع، ورفض التعامل مع الزنادقة والكفرة، وهذا سيدفع الدول المضادة له في نهاية الأمر، بطريقة أو بأخرى، إلى التكتل لإفنائه، هذا إن لم يتآكل كيانه ذاتياً نتيجة المقاطعة العالمية، أو أنه سيضطر في نهاية الأمر إلى الانصهار مع بقية دول العالم، وهذا كفيل بكشف خواء مبادئه، وأنه ليس أكثر من عصابة تسعى إلى الحكم عن طريق البطش بالآخرين.

الارشيف

Back to Top