الغول الخفي
تقول الطرفة: شكا شخص لصديقه تغير الأحوال، وقال إنه عندما كان صغيرا كان يذهب للبقال، ومعه دولار، ويعود للبيت وجيوبه ممتلئة بالحلويات والمرطبات! أما الآن فقد أصبح هذا صعبا، بعد أن قاموا بتركيب كاميرات مراقبة!
***
من الواضح جدا أن اسعار السلع والخدمات في الكويت قد ارتفعت في السنوات الثلاث أو الأربع الماضية بشكل جنوني، فاق قدرة الكثيرين، وستكون له تبعات مخيفة. كقاعدة، فإن الغلاء مستورد، وبالتالي لا نستطيع فعل شيء طالما اننا لا ننتج شيئا غير البترول. ولكن موضوع الاستيراد ليس بالجديد، فلم لم يحدث التضخم بمثل هذا التسارع إلا في السنوات القليلة الماضية؟
نعتقد أن السبب الأول يعود لضعف وهوان حال حكومتنا الرشيدة، وترددها في وضع آلية أكثر عدالة في موضوع الزيادات السنوية للإيجارات. وانا اتكلم هنا كمالك وليس كمستأجر، فالوضع الحالي مناسب لي ماديا، ولكنه غير عادل. فالزيادات المتسارعة والمتتالية على إيجارات المساكن من أكثر أسباب استفحال الغلاء خطورة، التي عادة ما تكون لها تبعاتها وتأثيراتها السلبية على أسعار السلع والخدمات الأخرى. فقانون الإيجار في الكويت لا يرتبط بأي مؤشر أو معيار معين، كما هو الحال في غالبية دول العالم، بل يخضع لسطوة المالك وربما جشعه، وبالتالي رأينا الكم الكبير من قضايا النزاع على نسبة زيادة الإيجار، التي تستنفد جهود الأجهزة القضائية في مسائل كان من السهل تجنبها لو كان هناك معيار متفق عليه يحدد الزيادة بطريقة او بأخرى، كربطها بمؤشر غلاء المعيشة مثلا.
أما السبب الثاني في استشراء الغلاء، وسببه الحكومة أيضا، فيعود للزيادات العشوائية التي طرأت في السنوات القليلة الماضية، بشكل عشوائي وغبي، على رواتب موظفي الدولة، والتي ارتكب أولى خطاياها الوزير السابق، عن حركة الإخوان المسلمين، محمد البصيري، الذي قام بجرة قلم غير مسؤولة بمضاعفة رواتب موظفي القطاع النفطي في يوم واحد ليصبح متوسطها 4500 دينار شهريا، مما دفع جهات أخرى للاقتداء به لتكر السبحة، وليصل الوضع لكارثة مالية، بعد أن اصبح بند الرواتب يستهلك الجزء الأكبر من دخل الدولة، وهو ما سيتسبب يوما في إفلاس ماليتنا.
لقد كان لتلك الزيادات، وخاصة النفطية، والتي سكت عنها مجلس الوزراء في حينه، تأثيرها التصاعدي على أسعار السلع والخدمات، ونتائجها شديدة السلبية، كما حذر أكثر من خبير ومسؤول سابق وحالي، سواء طبق الخيار الاستراتيجي أو لم يطبق. والغريب أن لا احد في الحكومة ذكر الوزير البصيري بكلمة سوء واحدة، وكأنهم متضامنون معه في الخطيئة، التي لا يعرف احد كيفية التخلص من آثارها.
ملاحظة: وزير يدفع دولة للإفلاس، وينفذ بجلده، ومسافر يضبط بزجاجة في المطار يسلخ جلده.