لا تبوق.. لا تخاف!
ا يشك عاقل في وجود عشرات، ربما مئات، من حملة الشهادات الجامعية والدكتوراه المزيفة، من شاغلي أكثر المناصب حساسية وخطورة، كالتربية والتعليم والإفتاء الديني والتشريع، وحتى في التحقيقات والمحاماة وتخطيط المدن والاستشارات الهندسية والطب وغيرها. وربما يكون وزير التربية وزير التعليم الحالي خير من يعلم بحجم الكارثة، او على الأقل رأس الجليد الظاهر منها، وهو دون شك أول من أصر، ولا يزال مصرا، على السير في كشف هؤلاء المزيفين وتعريتهم والتخلص منهم.
ومن مظاهر هوان الحال، وضعف الخلق وتخلف الدولة وتآكلها، سكوت الحكومة الواضح والبين عما يسمى برابطة شهادات الدكتوراه غير المقبولة، وعجزها عن التصدي لهم، وإسكاتهم، دع عنك عدم محاكمتهم، وفوق ذلك قبول وجود رابطة تجمعهم وتدافع عن مصالحهم، وتضغط عليها لقبول شهاداتهم التي لا تساوي حتى قيمة الورق الذي كتبت عليه.
نكتب ذلك بمناسبة قيام وزير التربية المجدد، بدر العيسى، بتشكيل لجنة للنظر في شهادات أعضاء هيئة التدريس في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، وهو القرار الذي كان من المفترض أن يجد ترحيبا وتشجيعا من الهيئة لما سيحققه من كشف للمزيفين في الجسم التعليمي، و«تبيض» وجه اصحاب الشهادات الصحيحة، وإبعاد الشبهات عنهم! ولكن بدلا من ذلك قوبل القرار برد فعل «مشبوه»، فكيف يتجرأ الوزير على سؤال «اساتذة» عن أبحاثهم ورسائلهم التي منحوا شهادات الدكتوراه على أساسها؟ ولا أدري اين عدم الموضوعية في هذا الطلب، هل لأنه سيكشف المزيفين والمحتالين؟ وهل ابحاث هؤلاء «الأساتذة» من الأسرار العليا التي لا يجوز الكشف عنها؟
إن وصف هيئة التدريس لقرار الوزير بأنه تعامل خارج عن المهنية والموضوعية، لتفاعله مع الإشاعات التي تداولتها بعض المواقع الالكترونية، أمر غير مقبول حقا! فما سبب خوف الهيئة من قرار الوزير، وكيف يمكن القضاء على الشكوك والاتهامات بغير مطالبة كل «أستاذ» بإثبات حقيقة شهادته؟
كما أن قول هيئة التدريس انه كان من الأجدر على الوزير التعامل مع «الإشاعات المغرضة» وفق أسس علمية وموضوعية، فهو كلام مرفوض آخر! فقراره يتفق وهذه الأسس، فالجميع يعلم كيف أديرت وتدار الكثير من الأمور في الدولة، والمعهد التطبيقي ليس استثناء، وبالتالي لا يمكن الجزم بصحة شهادة اي أستاذ بغير مطالبته بإثبات أحقيته في تلك الشهادة، ولو كنت مدرسا في التطبيقي لسرني القرار، ولو كنت ممن اشتروا شهاداتهم لساءني صدوره حتما، وكأن المريب يقول خذوني!
وعلى افتراض أن قرار الوزير خاطئ، فإن من الخطيئة التراجع عنه، وعلى الجميع إثبات صحة ما يحملون من شهادات. وهنا يجب ألا ننسى حادثة رجل الدين المعروف، «فضيلة الدكتور ن. م»، الذي انكشف امره مؤخرا، بعد سنوات قضاها في إلقاء المحاضرات وإصدار الفتاوى، وهو يحمل شهادة دكتوراه لا تساوي محرمة ورق!