خرابوه (2 - 2)
استطراداً لمقال الأمس عن التعليم، نقول إننا كنا حتى الأمس القريب جداً، نشارك الأستاذ حمزة رأيه في أن ما تحتاجه الكويت هو التعليم، التعليم وأيضاً التعليم! ولكن قد لا يكون الوضع بالضرورة كذلك، مع اعترافنا بأن مستوى التعليم في الدولة أصبح مزرياً بشكل خطير بسبب السياسات الخاطئة. ولكن لو افترضنا أن سكان أحد المنازل يشكون من الحرارة الشديدة التي تمنعهم من العمل والإنتاج والنوم، فالحل لا يكمن فقط في شراء بضع آلات تكييف هواء جيدة وتركيبها في البيت، فكتيب التعليمات المرفق بها يتضمن شروطاً واضحة يلزم تطبيقها لتصبح كفاءتها عالية، ومنها غلق الشبابيك وتخفيف دخول ضوء الشمس وتخفيف وحدات الإنارة العالية، وغير ذلك من اشتراطات.
وبالتالي، فنحن لو وجهنا كل جهود الدولة نحو توفير أرقى مستويات التعليم لطلبة الدولة، وفي جميع المستويات، وجلبنا لهم أفضل المدرسين، وزوّدنا هؤلاء بأرقى المناهج العلمية والنظرية، ووفرنا للجميع بيئة تعليمية ممتازة، فمن الطبيعي الافتراض أننا بعد بضع سنوات سنحصل على طلبة مميزين في علمهم وخلقهم وإنسانيتهم وقلة تطرفهم الديني والطائفي والعرقي! ولكن هذا حلم، وبعيد عن الواقع. فهذه المدارس المميزة وهؤلاء المدرسون الفطاحل وهذه المناهج العصرية لا يقومون بمهمتهم في بيئة منفصلة عن مجتمعهم، بل هم جزء منه. وبالتالي، كيف يمكن خلق طالب جيد ومحب لوطنه وللعلم، وهو يعيش في بيئة يزداد يوماً عن يوم تسممها بكل أمراض المجتمعات المتخلفة؟
وكيف يمكن أن نحصل على خريج جامعة، كطبيب أو مهندس أو غير ذلك، وهو على ثقة بأنه بغير واسطة، متنفذ أو وزير أو نائب، فإنه لن يجد الوظيفة التي يستحقها، هذا إن وجد الوظيفة أصلاً؟!
وبالتالي، الأمر أخطر بكثير من مجرد الاعتقاد بأننا إن طوّرنا التعليم، فستنتهي مشاكلنا. فالمشكلة أكثر تعقيداً.
فنحن بحاجة أولاً لقانون «الفعل الإيجابي» affirmative action الذي يمنع التمييز بين المواطنين بسبب العرق، اللون، الدين أو المذهب، عند تقدمهم للعمل، والذي يوجد ما يماثله في أميركا.
كما أننا بحاجة، برأيي، إلى تطهير الطاقم التعليمي من جميع المنتمين لأحزاب سياسية دينية.
كما أن الأمر يتطلب العمل بجد ومن دون أي تأخير على القضاء على كل أشكال الفساد الإداري، وتطهير الأجهزة الحكومية من الفاسدين، وهؤلاء معروفون بالاسم. وأيضاً خلق بيئة عمل صالحة تعتمد على المنافسة الشريفة والحرة في القبول في مختلف الوظائف، وترك نظام الواسطة والمحاباة المطبق حالياً، أو على الأقل التقليل منه للحد الأدنى.
أحمد الصراف