دبي.. الجميلة والعاقلة
ورد في تقرير لشركة الافكو أن انخفاض اسعار النفط أثار قلق شركات إنتاج الطائرات التي تنتج طائرات لا تستهلك كثيرا من الوقود، وبالتالي سيقل الطلب عليها لارتفاع تكلفة إنتاجها، وبالتالي ترى «الافكو» أن من الأفضل تأجيل تقاعد الطائرات القديمة.
قد لا يكون في الأمر تنبؤ من دبي، التي قامت حكومتها عام 2008 بتأجيل بيع طائراتها المستعملة، وحولت ملكيتها لشركة طيران جديدة، «فلاي دبي» flydubi ودعمتها تاليا باسطول ضخم من الطائرات الجديدة، وذلك لتقديم خدمة الطيران الاقتصادي، واليوم تقوم هذه الشركة بالطيران لأكثر من 94 وجهة في العالم، مقارنة بــ34 لـ «الكويتية» التي يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1953، علما بأن عدد العاملين في «الكويتية» يزيد على عددهم في «فلاي دبي» بـــ2000! كما ستكون الأخيرة قد نقلت أكثر من 8 ملايين راكب مع نهاية العام الحالي، بمبيعات تتجاوز 5 مليارات درهم، وأرباح تقارب 400 مليون درهم، في الوقت الذي تأمل فيه الكويتية الا تزيد خسائرها لهذا العام على 20 مليون دينار، والذنب طبعا ليس ذنب الإدارة الحالية!
لسنا هنا في مجال مقارنة وضع دبي بوضعنا، فقد بيّنا ذلك في مقال سابق، ولكن ما نود تأكيده أن علينا الاستفادة من تجاربها، خاصة أن ما حققته دبي من سبق كبير او إنجاز أكثر روعة يعود الفضل فيه الى حكومتها، ومنها تلك المنجزات غير المسبوقة على اكثر من صعيد. وبالتالي، لا أؤمن أبدا بأن وراء هذه المنجزات ـــ كما يحب البعض الاعتقاد ـــ «عقولا وخبرات غربية»! فالدول الغربية التي جاء منها هؤلاء لا تتبع اصلا ايا من إجراءات دبي ومنجزاتها، حتى بعد عشرين عاما من تطبيقها!
لقد غامرت دبي كثيرا في بداية العقد الحالي، وكادت تخسر مكانتها، لولا وقوف «أبو ظبي» معها، ولكنها اليوم أكثر نضجا وخبرة، وأثبتت أنها الوحيدة التي تستطيع ان تجمع الشرق والغرب، فلا البحرين قادرة ولا لبنان نظيف، ولا الكويت مؤهلة، وبقية دول المنطقة خارج السباق، تترنّح ذات اليمن وذات الشمال!
وفي مقابلة مع الشيخ محمد بن راشد، قال، ردا على سؤال صحافي: لست محللاً اقتصادياً، ولكن ما أعرفه أن من الخطأ اعتماد الحكومات على ما يقوله المحللون الاقتصاديون ومتابعو الأسواق عن المؤشرات فقط. فالاقتصاد العالمي خلال الأعوام العشرة المقبلة هو غيره عن اقتصاد ما سبقه، ولذلك فإن مهمة الحكومات هي التنبؤ بالمستقبل، والاستعداد له، وليس القلق من تقلب الأسواق الاقتصادية. المهم معرفة القطاعات التي ستقود اقتصاد العالم خلال السنوات المقبلة، حتى نكون ضمنها! فمن كان يظن قبل 10 سنوات مثلاً أن شركة أبل سيبلغ حجمها أكبر من شركات نفط عمرها 100 سنة؟ أو أن شركة أوبر تصبح الأكبر عالمياً في مجال النقل، وهي لا تمتلك لا سيارات ولا سائقين، وقيمتها تتجاوز 50 مليار دولار؟
ونقول معه إن هذا هو التحدي الحقيقي الذي
لا نعرف كيف نستعد له!
أحمد الصراف