الكلام الكاشف
الكلام الكاشف
يقول " على كاشف الغطاء"، في مقال ناقد له لأوضاع العراق المأساوية، أن الشيعة أثبتوا إن صدام كان أغبى سياسي في العالم، فلم يعرف إنهم كانوا يريدون هلاك أنفسهم، وليس هلاكه! فقد أثبتت الأيام إن الشيعة، في عراقنا، لا يهمهم تحسن وضعهم المادي، أو الصحي، أو الخدمي، أو البيئي، أو الاجتماعي. ولا يهمهم حتى السلطان، أو الحُكم، أو سعادتهم، أو أي شيء آخر ممكن أن يفكر فيه أي شعب أخر، بل همهم الوحيد أن تتركهم السلطات والحُكَّام يسيرون على الطرقات، ويلطمون في المساجد والحسينيات، ويسيرون على أقدامهم حفاة، ويؤدون مراسم الزيارات، ويتجمعون ملايينا في المناسبات! فهذا هو همهم الأساسي والأول كما يبدوا. فلا الإهمال، ولا فقر وسوء الخدمات ولا السرقات تهمهم، ولا حتى التفكير في العيش كما يعيش مثلا شعب اليابان أو الأمارات. ولو كان الغبي جدا (صدام) سياسيا يفهم في قليل من السياسة، لتركهم يفعلون هذا، وسيرى كيف كانوا سيعيدون انتخابه، ولاية بعـد أخرى. ولكنه كان أهبلا. قد تبدو الفقرة أعلاه قاسية، ولكنها مع الأسف تنطبق مع أوضاع دول كثيرة أخرى، وإن بدرجة اقل. فالعراق تخلف في كل مجال إلا في مجال تقديم أفضل الخدمات الدينية، من ناحية الترتيب والتنظيم والامن. ولو قمنا، في المقلب الاخر من العالم الإسلامي، بالاستماع لما ينادي به مختلف من يوصفوا بالعلماء والدعاة، دون ذكر الأسماء والألقاب، لوجدناهم لا يقلوا تشددا وعنفا واستسلاما للموروث عمن سبق ذكرهم! فلا يزال هؤلاء ينادوا بالويل والثبور وعظائم الأمور، وبمطالبة شعوبهم واتباعهم بالاستعداد لغزو العالم و"إجبارهم" على اعتناق الدين، وإلا فضرب الرقاب وجز الأعناق. ولا أدري ما الذي يبتغيه هؤلاء من أولئك في نهاية الأمر؟ فماذا أفادنا زيادة عدد أتباعنا؟ وهل الأمر يتعلق بالكم أم الكيف؟ وماذا لو نجحنا في أن "نجر" نصف العالم معنا ليصبح عددنا ثلاثة مليارات مثلا؟ هل سنرتاح بعدها ونتفرغ للعلم والدراسة والاختراع والاكتشاف، وربما ارتياد الفضاء تاليا؟ أليس من الأجدى أن نهتم بقضايا المعيشية الشائكة وتوفير التعليم المعقول والماء النظيف والغذاء شبه الكافي لملايين الفقراء والمعوزين بيننا بدلا من صرف كل جهودنا لتحويل العالم لعقيدتنا؟ وما الذي سنجنيه حقا لو أتبع العالم ملتنا، وبقينا على تخلفنا وهواننا، الن يتركنا بعدها هؤلاء لمن هم افضل منا؟ اليس من الأفضل بدلا من أن نجر العالم لحفرتنا ان ننتقل للعيش في عليائهم؟ ألم يتعب مئات آلاف الدعاة ومئات علماء الدين "العظام" من الدعوة للعبادة دون أن يتبعوها بالدعوة للتعليم والتربية وإصلاح الطرقات والقضاء على الفساد الإداري والمشاركة في الحكم؟ أريد خطبة واحدة للقرضاوي أو لرابطة العالم الإسلامي أو لرابطة النشمي الخليجية او لعلماء قم والنجف والأزهر، تدعوا للتقدم ونهل العلم الحديث من مناهله الصحيحة في الغرب، والانفتاح عليهم وتعلم لغاتهم. وعندما أسمع ذلك سأطمئن إلا أننا اصبحنا على الطريق الصحيح. الخلاصة أن امتنا تشكوا من جميع امراض العالم، وبدلا من أن نجد العلاج لها، نطالب من الجهة الطبية الوحيدة التي بيدها علاجنا، ان تتخلى عن معارفها، وتنظم لنا في فراش المرض، ألا يدعوا هذا للبكاء حقا؟ أحمد الصراف