نحن وبن سلمان
لم يبقى في الكويت مخلص، واستمع لمقابلة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهو يتحدث عن خطة "رؤية 2030" إلا وتحسر على وضعنا!
لقد كانت لنا خططنا الأكثر طموحا وبرامجنا الأكثر انفتاحا، وآمالنا الأسهل تحققا، ولكن بعد أطنان من تقارير خبراء البنك الدولى، ولجان تعديل المسار الاقتصادي، فوزي السلطان، ولجنة "بلير" وغيرها، والتي انتهت جميعها للاشيئ، يوم كان عندنا المال والقوة، فكيف الآن، بعد ان اختفت الرغبة ومعها المال؟ نعود للسعودية ونقول بأننا نتمنى من كل قلبنا أن تنجح خطتهم، وأن يدفع نجاحها دماء الغيرة في عروق مسؤولينا فيتحركوا لفعل شيء ما، ولكن العقل يقول بأن فرص نجاح الخطة السعودية قليلة! فمن أكبر المعوقات التي تواجه المملكة، كما الحال في بقية الدول الخليجية، تجذر مؤسسة الفساد السياسي والمالي، والتي لا يمكن تصور نجاح الخطة بغير القضاء عليها، أو على الأقل الحد من قوتها، وهذا ليس بالأمر الهين في ظل وجود آلاف المتنفذين الذين بإمكانهم، بحكم وضعهم الأسري والمالي والسياسي إفشال، أو عرقلة، أي مشروع لا يريدوه. كما تشكو المملكة من نقص رهيب في القوانين المنظمة للعمل الاستثماري على نطاق عالمي. فالمستثمر الأجنبي بحاجة لحماية كاملة وشعور بالاطمئنان، وهذه لا يمكن توفيرها بغير قوانين واضحة. كما أن وجود القوانين لا يعني الكثير بغير محاكم عصرية، وهذه لا يمكن ان تعمل بطريقة سليمة بغياب عقد اجتماعي مكتوب وواضح، والذي يحدد اطر العلاقة بين الحكم والمواطن. ومعروف ان المستثمر، أيا كان، بحاجة لآلية واضحة وسريعة لتسوية اية نزاعات تنشأ بينه وبين الدولة أو الغير، والمملكة قد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي ليس فيها نظام أو قانون جزاءات واضح، فالجريمة أو الجنحة نفسها يمكن أن يتباين حكمها من منطقة لأخرى، ومن قاض لآخر. كما أن هناك نقص واضح، ليس فقط في المؤسسات التشريعية، بل وأيضا في أجهزة الرقابة المستقلة عن الجهاز التنفيذي، وهو أمر يصعب تخيله حاليا. كما تحتاج المملكة للشفافية التامة في كافة مؤسسات الدولة، وأن تقبل بمبدأ المراقبة من منظمات داخلية وخارجية، وبالحساب، دون اعتراض من متنفذ أو مؤسسة دينية يكون لكلمتها المقام الأول، وهي التي يشكل وجودها أصلا التحدي الأكبر لنجاح الخطة. كما يفترض أن الخطة وضعت على اساس أرقام محددة للتركيبة السكانية التي تقول بأن نسبة السعوديين لغيرهم تبلغ 2 إلى 1، ولكن ليس هناك ما يدعم ذلك، فلا أحد يتذكر تاريخ آخر إحصاء جرى للسكان، وبالتالي كيف تحدد احتياجات البلاد من المدارس والمستشفيات والكهرباء والماء، وغيرها، في ظل غياب إحصائيات دقيقة عن السكان؟ وماذا عن وضع المرأة، وهي نصف المجتمع، وهي شبه مغيبة، فهل سيكون لها دور في الخطة الجديدة؟ والسؤال الأهم، من هي الجهة التي ستراقب وتحاسب المقصرين وغير الملتزمين بخطة التنمية؟ نكتفي بذلك ونتمنى أن نكون على خطا في تشاؤمنا! أحمد الصراف