سفراء وليسوا بسفراء
لا تقتصر مهمة السفير على تمثيل رئيس دولته وشعبه في الدولة المعين بها، ورعاية مصالح حكومته واحتياجات مواطنيه في تلك الدولة، بل ومن مهامه تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعبي البلدين. ولكن بعض سفرائنا في الخارج، وبالذات في الدول المهمة، ليسوا بالمستوى المطلوب برأيي، ولكن هذه قصة أخرى.
مقابل أولئك السفراء العالة، هنا في الكويت عدد من المواطنين الذين يقومون بمهمة سفراء لوطنهم في وطنهم، من دون أن يكلفوا الدولة فلساً واحداً، على الرغم من رائع ما يقومون به من أعمال مشرفة. كما أن لأنشطتهم تأثيراً إيجابياً لا يمكن إغفاله في تمتين أواصر الصداقة بين الشعب الكويتي وشعوب عشرات الدول الأخرى من خلال الاهتمام بسفرائها، إن من خلال تقديمهم وتعريفهم بالمجتمع المحلي، وبعادات البلاد المحلية، أو بجعلهم يشعرون كأنهم لم يغادروا أوطانهم، ولم يتغربوا في بيئة غير مرحبة. فهؤلاء السفراء الذين ليسوا بسفراء تجدهم دائمي البحث عن كل سفير جديد، ويتحركون باتجاهه عندما يجدون لديه الاستعداد والميل لأن يكون نشطاً واجتماعياً، فيقومون بدعوته لبيوتهم واستضافته في شاليهاتهم، والاهتمام به طوال فترة عمله، والقيام بواجب توديعه عند انتهاء مهامه.
من هؤلاء السفراء الذين يستحقون ميدالية وتقديراً من وزارة الخارجية الكويتية، السفير بلا سفارة (كالوزير بلا حقيبة)، رجل الأعمال سعود العرفج، الذي لا تخلو سهراته ودعواته من عشرات السفراء. كما أن السفير الآخر غير السفير، الذي يستحق تقديراً خاصاً من الدولة، هو المهندس صباح الريس، الذي لا يقل احتفاء وترحيباً بالسفراء من زميله سعود. فصالون الريس الموسيقي وولائمه الكريمة قلما تخلو من سفير دولة من دون تفريق، فالجميع يلقى لديه الاهتمام والترحيب ذاته.
إن السيدين العرفج والريس – ولا شك في أن هناك آخرين من أمثالهما – يقومان بدور رائع لا يمكن أن تقوم به وزارة الخارجية، فهذا ليس من مهامها. وبصرف النظر عن أهدافهما، فإن ما يقومان به عمل غير سهل ورائع في الوقت نفسه.
وبما أننا تحدثنا عن سفراء الكويت في الكويت، فمن الجدير أن نتطرق إلى أحد أفضل السفراء الأوروبيين هنا، ألا وهو سفير اليونان ثيدور ثيودوروس، الذي خرج عن المألوف في كل علاقاته ودخل قلوب الكثيرين بقدر ما دخل بيوتهم، وأصبح دوره في الترويج لوطنه مضرب المثل، وهو من السفراء المميزين الذين لا يمكن نسيانهم بسهولة، فبصماتهم وعلاقاتهم وأنشطتهم ستبقى في الذاكرة طويلاً. فقد استطاع خلال فترة ثلاث سنوات، والتي نتمنى أن تطول أكثر من خلال التجديد له، القيام بأكثر الأعمال صعوبة من واقع محبته لمهنته ووطنه، وقيم وتاريخ وتراث اليونان العريق، فتحية لهذا السفير الرائع.
أحمد الصراف