صاحب «حماة العرين»
بعد الشح في المباني الفنية والثقافية، الذي دام عقودا، اصبح لدينا فجأة عدد لا بأس به منها، وربما يتطلب الأمر دقة في إطلاق أي تسميات عشوائية عليها، تشوه الهدف من إنشائها.
استمعنا، على مدى اربعة عقود تقريبا، لنشرة الأخبار من الإذاعة الرسمية على وقع موسيقى أغنية «حماة العرين»، التي سبق وأن شدا بها الفنان شادي الخليج، التي تقول كلماتها:
آن أن نحمي الحما والوطنا، آن أن نـدفـع عـنـه المحـنـا، آن أن نصـمـد صـفـاً واحــدا، آن أن نُقصي العدو الأرعنا، يا حماة العرين لقنوا المعتدين درسا باليمين ضربةً لن تليـن.. إلخ.
وكان لهذه الأغنية بالذات دورها في أعمال مقاومة الاحتلال.
يعتبر الفنان الكبير عبدالعزيز المفرج، المعروف بـ«شادي الخليج» واحدا من افضل فناني الكويت، واكثرهم عطاء. ولد المفرج عام 1939، وكان لحمد الرجيب دور في إقناعه عام 1960 باحتراف الغناء، بعد تردد، وكانت أغنية «لي خليل حسين». ولكنه اكتشف أنه بحاجة الى صقل موهبته فالتحق بالمعهد العالي الموسيقي في مصر، وعاد مؤهلا للكويت ليعمل في وزارة التربية، وليصبح وكيلا مساعدا للموسيقى.
بعد عطاء ثري توقف عن الغناء، ولكنه عاد عام 1976 ليغني «سدرة العشاق»، وليشكل وعبدالله العتيبي والديكان ثلاثيا ناجحا، استطاع تقديم أعمال رائعة كصدى التاريخ، مواكب الوفاء، حديث السور، قوافل الأيام وأنا الآتي وغيرها من أوبريتات. كما غنى العشرات من الأغاني العاطفية والوطنية التي لقيت نجاحا. كما كان للمفرج ايضا دور في تبني وتنفيذ احتفالات وزارة التربية بالأعياد الوطنية، وشارك في جميع حفلاتها، وكان له نشاط فني مع الشاعر المبدع الراحل محمد الفايز، وقدم له أوبريت «مذكرات بحار». وتوج مسيرته كفنان بنيله جائزة الدولة التقديرية عام 2003
لا يعتبر عبدالعزيز المفرج مطربا عاديا، بل هو كنز فني، ومن الجيل الذي عاش فترة ما قبل النفط، وله ذكريات جميلة أوردها في مقابلة شيقة مع القبس، تحدث فيها عن بيته القريب من ساحة الصرافين، وذكرياته، وشعرت وأنا أقرأها وكأنه يأخذ بيدي ويمر بي على صيدلية الدهيم، الأولى في الكويت، التي يعود تاريخها لعام 1927، وسبيل ماء «ابن دعيج»، وشوارع الكويت القديمة، كويت التآلف والمحبة التي خربتها الأحزاب الدينية ودعاة الطائفية، ليمر بي بسوق المعجل، وسكة الساعات المتفرع عن السوق الداخلي ومسجد الفارس، ومكتبة الرويح التي كثيرا ما أنفقت فيها مدخراتي على الكتب، مرورا بمحل محمد بن حسين، شقيق المربي عبدالعزيز حسين، ودكان عبدالرسول فرج، وكيل راديو فيليبس، ومحال أقمشة وخياطة الدشاديش للأخوين الكاظمي ومحل خراريز الغريب.
عبدالعزيز المفرج قامة فنية وأخلاقية كبيرة، ويستحق بجدارة أن يطلق اسمه على أحد مسارح مجمع شارع بغداد أو مجمع دار الأوبرا، .. وهذا ليس بالكثير عليه.
أحمد الصراف