العلماء الصغار وشباك الإذلال

ورد في صحف المحلية، يوليو 1994، خبر عن قيام مؤسسة الكويت للتقدم العلمي برصد مليون وربع المليون دينار لتمويل «مشروع العلماء الصغار»، الذي يهدف إلى البحث عن المميزين من تلاميذ مرحلتي رياض الأطفال والابتدائية، والاهتمام بهم، وإعدادهم، من خلال خطة خمسية، ليكونوا علماء المستقبل! ووصفت الخطة حينها بأنها رائدة، وتتطلب الكثير من الإصرار، ولهذا لم يكن مستغرباً أنها فشلت، فمن أين نأتي بالإصرار؟

الخبر أعلاه ورد ضمن مقال، وقع نظري عليه وأنا أراجع مقالاتي القديمة لاختار ما يستحق تضمينه دفتي كتاب أو أكثر. وعلى الرغم من مرور 22 عاماً على ذلك المشروع، ربما تبخر ما رصد له من مبالغ، كتبخر سرقات وزارة التربية مع كل حريق يقع في مخازنها، كما ينشر في الاعلام، إلا أن الأمل لا يزال في أن تقوم جهة ما بالتفكير به مجدداً.

مشروع الاهتمام بالمبدعين مثال كلاسيكي للقصة التراثية، التي قام فيها جحا بقبول تحدي تعليم دابة أحد الخلفاء القراءة مقابل ألف دينار، شريطة أن يمهله عشر سنوات لإنجاز المهمة، وعندما ضحكوا منه، وقالوا إن مهمته مستحيلة، قال لهم مقولته الشهيرة إنه بعد عشر سنوات إما يكون الخليفة قد مات، أو هو، أو نفقت الدابة! فمن الذي يتذكر اليوم أسماء المسؤولين عن ذلك المشروع الرائد، ليقوم بمحاسبته؟ لا أحد!

كما أن قصة الاهتمام بالعلماء الصغار ذكّرتني بمشروع وكيل سابق لوزارة الأوقاف، ما غيره، الذي أوهم الحكومة أنه بالإمكان إعداد علماء «دين» صغار، من خلال برنامج تدريب يستغرق سنتين فقط، لمن يبلغون العشرين من العمر، ليصبحوا بعدها «علماء»!

فشل المشروع طبعاً، وطارت الطيور الصغيرة بما دفع لها من مكافآت سخية، وكانوا في أغلبيتهم من بعض أبناء مسؤولي الأوقاف حينها، ومن بعض القائمين على مشروع الوسطية الهلامي! وسبق أن كتبنا عن ذلك المشروع الفاشل!

***

يعتبر «شباك الإذلال» ظاهرة تختص بها الدول المتخلفة، ومنها الكويت! وهذا النوع من الشبابيك يطلق على الفتحة الصغيرة في لوح الزجاج العالي الذي يفصل المراجع عن «جناب الموظف»، بحيث يجبر الأول على الانحاء صاغراً، وبذل ظاهر، لكي يستطيع التفاهم مع جناب الموظف! وسمعت أن الشيخ محمد بن راشد قام شخصياً بطلب إزالة هذا النوع من الكاونترات المهينة من جميع مكاتب المصالح والدوائر الحكومية، وفي زيارتي القريبة القادمة لدبي سأتأكد من ذلك. وأعتقد أن كاونترات جوازات الدخول والخروج الجديدة في مطار الكويت أصبحت حالياً من دون فتحة الإذلال. علماً بأن الكثير من كاونترات جوازات مطارات الدولة الأوروبية بها هذا النوع من الفتحات في اللوح الزجاجي، ولكنها تمتاز بارتفاعها، بحيث لا يتطلب من المسافر أن ينحني صاغراً!

وعليه نطالب مسؤولي كل الجهات الحكومية التي تتعامل مع الجمهور، خصوصاً وزارتي الداخلية والشؤون، بإزالة هذا النوع من الألواح الزجاجية التي تفصل المراجع عن الموظف، احتراماً للطرفين.

***

• ملاحظة:

قبول الإخوان خوض الانتخابات النيابية المقبلة لا علاقة له بما يدعون، بل كما يبدو لتعويض ما فاتهم، أثناء فترة المقاطعة، من صفقات، فذئابهم لا تهرول عبثاً!


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top