الانتقام..!
هذه ليست طرفة، فقد تكون قصة حقيقية، ولا يقلل من طرافتها عدم صحتها.
كان على الزوج، في اليوم الأول لطلاقه، أن يقوم بجمع وتغليف أمتعته الشخصية ووضعها في حقائبه وترك البيت لمطلقته، بموجب حكم المحكمة. في اليوم الثاني أتى بشركة شحن لنقل حاجياته لشقته الجديدة. وفي اليوم الثالث، وفي وداع أخير لبيته، قرر الاحتفال بالمناسبة بطريقته الخاصة، فأحضر كمية من الربيان (القريدس) وعلبة كافيار، وجلس إلى طاولة الطعام، وأوقد شمعتين، وجلس لتناول عشائه مع موسيقى هادئة. ما ان انتهى، حتى قام بتنظيف المكان، وغسل الأواني، وتأكد ان كل شيء على ما يرام وترك البيت، بعد أن مر على كل غرفة فيه لإلقاء النظرة الأخيرة.
بعد رحيله، عادت مطلقته للبيت لتعيش فيه مع صديقها الجديد.
مر اليوم الأول، وهما في نعيم، ولكن قليلا قليلا بدأت رائحة غريبة تزكم أنفيهما، فقاما بتنظيف كل زاوية، للتخلّص منها، ولكنها كانت تزداد مع كل عملية تنظيف. حضرت شركة متخصصة وبدأت في تنظيف مجاري البيت وممرات الهواء، ودكتات التكييف، ولكن كل شيء كان يبدو طبيعيا. تم تنظيف سجادة الصالة، وتعليق ملطفات هواء في الزوايا، ولكن الرائحة بقيت، فاضطرا الى التخلص من سجاد البيت الثمين، وقاما بدهن البيت من الخارج وكل جدرانه من الداخل.
توقفت زيارات الأصدقاء لهما، ولم يطل الوقت كثيرا ليرفض العمال العمل معهما، بعد أن اصبحت الرائحة النتنة لا تطاق. حتى الخادمة تركتهما، وكان عليهما في نهاية الأمر مواجهة الواقع وعرض البيت للبيع، بسعر مغر، ولكن خروج أو هروب الراغبين في الشراء من البيت كان اسرع من دخولهم اليه، وبعد فترة رفض حتى السمسار الرد على مكالماتهما، فدفعهما الوضع السيّئ الى الاقتراض من البنك لشراء بيت جديد، والانتقال للعيش فيه!
وفي يوم اتصل الرجل بمطلقته للسؤال عن بعض الأمور، فاخبرته بمشكلتها مع الرائحة، فأبدى استغرابه من الأمر، وقال لها إن البيت يعني الكثير له، وأنه على استعداد لتسوية الجانب المالي من تبعات الطلاق مقابل حصوله على البيت. وهنا أحست المرأة أن مطلقها ربما لا يعرف ما تعنيه الرائحة النتنة، وإن عليها أن تبيعه البيت فورا، فرضيت بالتسوية المجحفة، والقبول بعشر ثمن البيت، شريطة أن يقوم بتوقيع عقد الشراء في اللحظة ذاتها، واصبح البيت خلال ساعات ملكا للرجل، مقابل مبلغ لم يكن يحلم به.
بعد يومين، كان يقف بسيارته بعيدا عن البيت يراقب مطلقته وهي تقوم وصديقها بنقل كامل محتويات البيت لمنزلهما الجديد. ويبدو أنها، وفي محاولة منها لإغاظته، قامت بإزالة كل شيء، بما في ذلك الستائر والقضبان الحديدية التي سبق له أن حشاها في الليلة الأخيرة التي تناول فيها طعام العشاء، أنصاف الربيان، القريدس، المغموسة بما تبقى من سائل الكافيار، التي تسببت تالياً في كل تلك الرائحة المرعبة.
أحمد الصراف