غباء العرق النقي..!
تعتقد شعوب ومجتمعات كثيرة أنها تنتمي إلى أعراق وسلالات أكثر عراقة ونقاء من غيرها، ومن هؤلاء جزء من العرب وغالبية المجتمعات القبلية في أفغانستان والعراق وباكستان، وإيران، وغيرها كثير. ولا نزال، وسنستمر في سماع ما يرتكب من جرائم بحق تلك التي قبلت الاقتران بمن ينتمي الى قبيلة أو عرق أدنى، او من تجرأ وأحب أو تزوج ممن تنتمي الى قبيلة او عرق أعلى من قبيلته. وقد أقدمت أمّ باكستانية مؤخرا على تعذيب ابنتها (18 عاماً) وقتلها في نهاية الأمر؛ لأنها تسبب إهانة قبيلتها بالاقتران بمن ينتمي الى درجة أدنى. كما تدخلت سلطات دولة خليجية قبل اشهر قليلة وفسخت زواجا، بعد اعتراض قبيلة الفتاة على عدم أهلية قبيلة الفتى للاقتران بابنتهم. كما حكمت محكمة قبيلة في باكستان، كما تردد في الاعلام، باغتصاب فتاة علنا، وبشكل جماعي، لقيام شاب من قبيلتها، لا صلة لها به أصلاً، بالزواج من فتاة من القبيلة «الأعلى».
* * *
انتشر مؤخرا فيديو وثائقي يبين مجموعة من الشباب، من الجنسين، تم أخذ آرائهم في جنسياتهم وأصولهم، وما يشعرون به من انتماء الى أعراقهم، وما الشعوب أو الأنظمة التي لا يميلون اليها ولا يجدون أنفسهم منسجمين معها؟
كانت إجاباتهم متوقعة من فخر بأصولهم وكرههم لغيرهم. ثم قيل لهم إنه سيتم إخضاعهم لتجربة مثيرة يتم خلالها فحص حمضهم النووي، dna مختبريا بأخذ عينة من لعاب كل منهم.
وحيث إن مكوّنات جسم كل فرد منا تعود في نسبة منها للأب، ونسبة مساوية أخرى من الأم، والأمر ذاته ينطبق على آبائنا وأجدادنا، فبالتالي فإن كل جزء في أجسامنا ساهم في تكوينه أسلافنا الذين انحدرنا منهم، وعن طريق تحليل اللعاب تمكن معرفة هؤلاء الأسلاف بدقة.
بعد أسبوعين جاءت النتائج، وكانت مفاجأة لجميع من شارك في التجربة، فقد تبين أن البريطاني مثلا، الذي يفتخر بأصله، لا تزيد نسبة بريطانيته على %30، كما أن %5 منه ألماني، وهو الذي كان، حتى وقت التجربة، يكرههم. أما البنغلادشي فـ %12 من جذوره بريطانية. أما المشاركة الفرنسية، الفخورة بأصولها، فقد بيّن الفحص أن %32 منها بريطاني. أما الكوبي الأسمر فأصوله تعود في غالبيتها الى أوروبا الشرقية. أما المشاركة التي تكره الأتراك، فقد تبين انها قوقازية تركية، وهكذا مع البقية.
المحصلة أن العلم أثبت أن الفرد منا يحتاج الى درجة عالية من الغباء ليعتقد أن هناك ما يسمى «عرق نقي». فنحن جميعا تربطنا صلة قرابة بعضنا ببعض، مهما اختلف لون بشرتنا أو سماتنا، فنحن ننتمي الى عالم واحد من حولنا، بدرجة أكبر بكثير مما نشعر به أو نعتقد. فهل آن الأوان لأن نصبح أكثر تواضعا في ما يتعلق بأصولنا؟
لمزيد من المعرفة والمتعة وللتأكد من ان جميعنا مهجنون بدرجة او بأخرى، يرجى النقر على الرابط التالي:
ملاحظة: كتبنا بالأمس، نقلا عن صحيفة محلية، عن تعيين اللواء المتقاعد «عبدالفتاح العلي» رئيسا للجنة الإزالة، وتبين اليوم أن الخبر غير دقيق، فالمعذرة.