فنون النصب الكويتية

إن سرقة المال العام أصبحت فناً له اربابه ورعاته، كما اصبحت هناك جهات كثيرة متخصصة فيه، وعملها يكمن في استغلال الثغرات في أي قانون أو لائحة، والنفاذ منها، بحيث لا يمكن محاسبة أحد على السرقة، بالرغم من علنيتها.

ونقل عن أحد كبار رجال المخابرات الأميركية في إيران الملكية، إبان حكم رضا شاه، أنه اشتكى له من أن المساعدات المالية التي تقدمها بلاده لبناء جسر هنا أو سد أو طريق هناك عادة ما تجف أو تنتهي دون إنهاء المشروع، بسبب الفساد! وأن على حكومته السعي لوقف ذلك. فقال له الشاه بخبث إن المساعدات تشبه قالب الثلج، الذي يقوم بتسلمه من اميركا، فيقوم بتسليمه لرئيس وزرائه، الذي يقوم بدوره بتسليمه لوزير المالية، الذي يقوم بتحويله للجهة المستفيدة، التي يصل لها وقد «ذاب» نصفه، أثناء انتقاله من يد ليد، ولو حاولت أي جهة معرفة أين ذهب النصف الآخر، لما توصلت لنتيجة.

******

تقوم مختلف الجهات الحكومية بترسية مناقصاتها على القطاع الخاص، وتتفاوت مدد هذه المناقصات حسب طبيعتها. فأعمال صيانة مدارس التربية عادة ما تتراوح مدد مناقصاتها بين السنتين والثلاث تقريبا. كما يتبع الأسلوب نفسه في عقود أعمال النظافة. والغريب أنه منذ ما بعد التحرير وحتى اليوم، وربما قبل ذلك، أصبحنا نرى ظاهرة غريبة تتمثل في «اكتشاف» جهات حكومية عدة فجأة، ان الفترة المتبقية على انتهاء عقد ما، كانت مدته الأصلية 3 أو 4 سنوات، لا تسمح بطرح مناقصة جديدة، وبالتالي تجد نفسها «مضطرة» لتمديد فترة العقد لسنة وأحيانا لسنتين للمقاول، ويتم ذلك غالبا، إن كان العقد الأصلي، الممدد، في مصلحته!

كما رأينا قبل سنوات كيف فوجئت وزارة الداخلية بأن ما لديها من مخزون جوازات السفر قد انتهى، وبقيت فترة لا تصدر فيها اي جوازات سفر إلا لمن لديه واسطة. وحصل الشيء ذاته مع وزارات أخرى، والبلدية والداخلية ليست استثناء، وبالتالي كيف يمكن ان نصدق أن لا أحد في البلدية مثلا على علم بأن مناقصات نظافة «دولة الكويت» ستنتهي بعد فترة محددة؟

وهنا نذكر السيد مدير عام بلدية الكويت، الذي نثق بنزاهته وبقدراته، بأن الجهات المعنية في البلدية قامت مؤخرا بتوقيع عقود نظافة تشمل الكويت برمتها، وجميعها ستنتهي مدتها خلال سنوات! ولتجنب ما تم التعارف عليه في السابق من تجديدها سنة وراء أخرى، بحجة ضيق الوقت لطرح مناقصة جديدة، ولتوفير مبالغ كبيرة على موازنة الدولة المتعبة، فإننا نطالب السيد المدير العام بوقف هذه المهزلة، والاستعداد مبكرا لطرح عقود المناقصات التي ستحل آجالها قريبا، ووقف هدر مال ووقت طال السكوت عنه.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top