يوم عملت ضابط مباحث

ورد في صحف الإمارات أن مقيماً أودع ما يعادل 5 ملايين درهم في حساب وديعة، وعاد الى دولته لقضاء الإجازة، وغاب قرابة عشر سنوات، لم يستطع خلالها العودة الى دبي، بسبب تعرضه لحادث. وعندما عاد، فوجئ بأن رصيده في البنك لا يتجاوز مبلغ 123 درهما فقط.

دخل في مخاصمة مع البنك وبعد فترة حكم له بكامل المبلغ، مع الفوائد!

أعادني هذا الحكم الى نصف قرن تقريبا إلى الوراء، عندما مررت بتجربة مماثلة، سأسردها لاحقا. أما بخصوص المقيم في الإمارات، والذي كاد إهماله، او مرضه، أن يتسبب في خسارته لكل أمواله، فإن جزءا من المسؤولية يقع عليه، لعدم قيامه، طوال عشر سنوات بالسؤال عن رصيده، او لسحب أو إيداع حتى مبالغ صغيرة فيه، وبالتالي فتح أعين بعض ضعاف النفوس، ربما من موظفي البنك، او من خارجه، على أن حساب ذلك الشخص جامد، وليس عليه اي  حركة لسنوات طويلة، مما يعطي الانطباع بأن صاحبه ربما توفي في بلده، دون ان يبلغ أهله بما يمتلكه، فقام هؤلاء، بطرقهم الخاصة، بالاستيلاء على رصيده تدريجيا!

نعود لما حدث معي قبل نصف قرن، عندما قام رئيس مجلس إدارة البنك حينها، باستدعائي ليسلمني كشف حساب عميل يبين رصيدا كبيرا لمصلحته، وقال إن صاحب الحساب توفي في بلده، وجاء ورثته للمطالبة برصيده، وتبين لهم أن ليس بحسابه غير مبلغ صغير!

عدت لمكتبي وبدأت رحلة بحث شاقة وطويلة، تبين في نهايتها أن احد موظفي البنك، كويتي الجنسية، ومن بسيطي الحال، والذي سبق أن أعلن قبلها ببضعة أشهر خطوبته على ابنة إحدى الأسر الثرية، وهذه تفاصيل ضرورية لمعرفة خلفية السرقة، كان مسؤولا عن الرد على خطابات وزارة العدل المتعلقة بالسؤال عن وجود اي حسابات أو ارصدة للمتوفين، من مواطنين أو مقيمين، لغرض حصر إرثهم. وكان يركز على المتوفين من غير الكويتيين ويفحص حساباتهم، فإن كانت جامدة، وليس عليها اي حركة لسنوات طويلة، فإنه كان يقوم حينها بالرد على الوزارة بعدم وجود رصيد له، ليقوم في فترة تالية بتحويل أرصدة هؤلاء «الأجانب» المتوفين، الى حسابات اقربائه، وسحب تلك الأرصدة نقدا تاليا، دون ان يثير أي شبهات، وكان من الممكن أن تستمر عملية سرقة حسابات عملاء البنك لفترة اطول لولا حرص ورثة ذلك العميل.

قام البنك بعدها بإعفاء ذلك الموظف من وظيفته، بعد أن تبين أنه تصرف في ماله لإرضاء نزواته ومتطلبات خطيبته. كما قام البنك، بناء على كشف السرقات الذي قمت بتحضيره، بتعويض ورثة كل من تأثر بالتصرف الأخرق لذلك الموظف، وحصلت أنا على مكافأة سخية لجهودي في كشف الجريمة!

وعليه ننصح الجميع بالحرص على معرفة ارصدة حساباتكم بين فترة وأخرى وتدقيقها، بعد أن أصبحت طرق النصب والاحتيال أكثر جرأة وتفننا!


أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top