الصراف في «كلام الناس»: صدى لحياتي
إعداد مركز المعلومات | «هذه ليست سيرة ذاتية ولا قصاً ولزقاً لمقالات نشرت، أو لم تنشر، لسبب أو لآخر، ولا هي سرد لذكريات، بل هي خليط من كل ذلك». بهذه الكلمات يستهل أحمد الصراف تقديمه لكتابه «كلام الناس.. ذكريات ومقالات»، الصادر حديثا، عن منشورات ذات السلاسل.
يضم الكتاب مجموعة كبيرة من المقالات التي كانت موضوعاتها انعكاسات واصداء لما كان يدور في عقل الكاتب وقلبه يوميا لسنوات، كما يقول، مضيفا: «كانت تجربة حياتي ثرية، وكثيرة الألوان، ولأبنائي وأصحابي الحق في الاطلاع عليها، والاستفادة من كم الهفوات والأخطاء التي ارتكبتها في حياتي الشخصية والعملية». يشير الصراف الى ان غالبية محتويات كتابه مقالات نشرت في القبس، في الفترة ما بين يناير 1990 وديسمبر 2014، ويقول: «تعرضت طوال ثلاثين عاما تقريبا، من الكتابة اليومية، للكثير من المضايقات والتهديد بالقتل والسباب العلني. كما رفعت عليّ قضايا في المحاكم زادت على عشرين قضية، خسرت واحدة فقط، بسبب عدم كفاءة المحامي، وحكم ببراءتي في البقية، كما تكلفت الكثير من مالي الخاص، رسوم محاماة، في الوقت الذي لم أكن أقبل فيه ان تدفع الجريدة أي مبلغ مقابل ما اكتب. كما تعرضت لخسائر كبيرة في أعمالي التجارية، نتيجة كتاباتي، سواء بوقف من اضرتهم مقالاتي او ما كتب عن التعامل مع شركاتي، فور العلم بملكيتي او ادارتي لها، وخاصة من أولئك المعادين لخطي او اتجاهاتي السياسية او العقائدية، او من اولئك الذين أغضبهم مقال، فحاولوا معاقبتي بالتوقف عن التعامل معي، ومنها حالة واحدة فقدت فيها احدى مصالحي التجارية مبيعات بلغت المليون دينار في عام واحد، وكل ذلك لأنني انتقدت بقسوة أداء وزير التجارة، في حينه، الذي كان قريبا لصاحب الشركة الكبيرة!». ويشير الى ان مقالا له، تضمن هجوما على الخميني، تسبب في «قيام وزارة الخارجية الايرانية، عن طريق سفارتها في الكويت، برفع قضية «أمن دولة» علينا. وكان الأمر في منتهى الجدية، وكان يمكن أن أسجن، ان تم الحكم علي بالسجن ثلاث سنوات، ولكن، لحسن الحظ، وتدخل صديق عزيز مع السفارة الايرانية، صدر الحكم ببراءتي، وتنازلت السفارة عن حقها في الاستئناف، كذلك، فحفظت القضية». كما يشير الى ان مقالا له بعنوان «اخرجوا أيها المسيحيون من ديارنا» لقى رواجا لم يتوقعه ابدا، «وورد في أحد المصادر ان المقال اطلع عليه عشرات الملايين، بعدة لغات.. ووردتني عليه تعليقات من رؤساء كنائس..». ويضيف: «لم تكن مواضيع مقالاتي معارك مع الآخر، بقدر ما كانت محاولات لطرح آراء محددة، وجدها البعض متطرفة ووجدها غيرهم عقلانية، ووجدها فريق ثالث مخالفة لطبيعة المجتمع وأعرافه وتقاليده». ويمضي قائلا: «ان ما كتبته كان غالبا صدى لحياتي. فقد كانت حياتي مختلفة الى حد ما عن أقراني، او من عرفت عن كثب، وهكذا ربما كانت مقالاتي». ويخبرنا انه كان في صغره مغرما بالقراءة، وبالاستماع الى فيروز، والموسيقى الغربية، وكانت عيناه تترقرقان بالدموع عند سماع ماريا كالاس. كما كان يرفض التسليم بالمسلم به دون نقاش، ويميل الى ارتداء الملابس الغربية. ومن تجربة الغزو الصدامي المريرة، الى حكايات الطفولة وحب الأرانب والقطط وذكرى السيجارة الاولى،.. ذكريات يسجلها الصراف، الذي يقول ان لديه الكثير الذي يود الكتابة عنه، وانه لا يزال يشعر بأنه في مقتبل العمر. وفي ما يلي مقتطفات من مقال «اخرجوا ايها المسيحيون من بلادنا» الذي نشر في يوليو 2014، والذي يقول الصراف، في هامش، ان كثيرا من النقاد والصحافيين اعتبروه «الأكثر قراءة في تاريخ الصحافة العربية». هكذا يبدأ الكاتب مقاله الذي يعري فيه نسقا ثقافيا قائما على النرجسية والكراهية: «اخرجوا يا مسيحيي دمشق ويبرود ومعولا من أوطاننا، واخرجوا يا مسيحيي الموصل ونينوى وبغداد من بلداننا، واخرجوا يا مسيحيي لبنان من جبالنا وودياننا، واخرجوا يا مسيحيي فلسطين والجزيرة من شواطئنا وترابنا، اخرجوا جميعا من تحت جلودنا». ويختم المقال بقوله: «نعم اخرجوا عنا فإننا نريد العودة الى صحارينا، فقد اشتقنا الى سيوفنا وأتربتنا ودوابنا، ولسنا بحاجة لكم ولا لحضارتكم، ولا لمساهماتكم اللغوية والشعرية، فلدينا ما يغنينا عنكم من جماعات وقتلة وسفاكي دماء. اغربوا ايها المسيحيون عنا بثقافتكم، فقد استبدلنا بها ثقافة حفر القبور!».