أعمارنا الطويلة

مقدمة: يبلغ متوسط عمر المواطن 75 عاما، وطبعا يتجاوز البعض هذه السن بكثير وهم في كامل صحتهم العقلية والبدنية، وهذا يعود لارتفاع مستوى المعيشة وتوافر الخدمات الصحية وتناول الجيد من الطعام، وانخفاض وفيات المواليد الجدد، وغير ذلك من عوامل لا علاقة للحظ والغيبيات بها، فإطالة العمر قضية علمية بحتة، فهذا المعدل ينخفض لمستويات مخيفة في الدول الفقيرة والمتخلفة، بحيث لا يتجاوز الـ 55 عاما بكثير، ويرتفع في الدول الغنية والمتقدمة صناعيا.
فاليابان وسويسرا تحتلان المرتبة الأعلى عالميا بمعدل عمر يبلغ 83 عاما، تأتي بعدهما أستراليا. كما تسبق كل من قطر والبحرين وعمان الكويت في ارتفاع معدل العمر.
كان متوسط عمر الإنسان في العصور القديمة لا يتجاوز 26 عاما. ووصل المعدل إلى 47 عاما قبل ألفي عام. وكان متوسط العمر في الكويت، وحتى سنوات قليلة مضت، منخفضا جدا، بسبب ارتفاع نسبة الوفيات، والأمراض والفقر وسوء التغذية.
وحقّقت كوريا مؤخرا أعلى معدلات النمو في هذا المجال، بحيث من المتوقع أن يصل فيه متوسط عمر المرأة إلى أكثر من تسعين عاما، وهذه سابقة تاريخية. ويعود السبب في ذلك لارتفاع مستوى المعيشة والتغذية، وتوافر الخدمات العلاجية منذ الطفولة، وتطورها، إضافة إلى أن الكوريين يمتازون بانخفاض مؤشر كتلة الجسم لديهم، وهو المؤشر الذي يبين مدى ترسب الدهون والمواد السلبية في الجسم، وقلة المدخنات بينهم.
وبيّنت دراسة أعدتها الكلية الإمبراطورية في لندن، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وأجريت في 35 دولة متقدمة، أن معدل العمر في عام 2030، سيرتفع بشكل ملحوظ، وستضيق الهوة العمرية بين الإناث والذكور.
ولكن معدل العمر في أميركا، التي تأتي في ذيل قائمة الدول الصناعية، لا يزيد على 80 للرجال و83 للنساء، وسبب ذلك يعود لعدم تمتع نسبة من الشعب الأميركي بالعناية الطبية، مع ارتفاع نسبة الوفيات بين المواليد الجدد، وارتفاع معدلات جرائم القتل والسمنة المفرطة.
وورد على لسان أحد الباحثين في المعهد الإمبراطوري أنه كان هناك شك قبل سنوات في قدرة البشر على الوصول إلى معدل 90 سنة، ولكن هذا أصبح حقيقة الآن. وأن بالإمكان الوصول لمتوسط عمر يبلغ 110 أو حتى 120 عاما.
وبيّنت الدراسة أن زيادة الأعمار ستشكل ضغطا على الخدمات الطبية والاجتماعية، وزيادة في عدد طالبي الرعاية في الكبر، وضغطا على موارد الدول، وعلى شركات التأمين وصناديق الضمان الاجتماعي والتقاعد.
مناسبة هذه المقدمة تتعلق باللغط السياسي النيابي، والإعلامي الاجتماعي، الذي دار مؤخرا حول قانون استثناء وكيل وزارة الداخلية من نظام التقاعد عند بلوغ الـ 65 من العمر.
لا أدري متى تم تحديد هذه السن القانونية، ولكنها حتما ليست مناسبة حاليا، ويجب بالتالي تعديلها؛ لتصبح 68 أو حتى عاما 70. فالتقدم الذي حصل في متوسط عمر المواطن يجعل من الضروري إعادة النظر في هذا القانون.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top