أكياس وقنانٍ
ا أعتقد أن المحافظة على قضايا البيئة تعني الكثير لسمو رئيس الوزراء، وربما لأي من وزرائه، فانشغالهم بالخطير من الأمور تجعل قضايا البيئة مسألة ثانوية. ولو كنت مستشارا للرئيس، ولن أكون، لنصحته باتباع خطوات بسيطة لجعل بيئة الكويت أفضل بكثير، خاصة أن الأجهزة موجودة والمتطوعون، من مواطنين وغيرهم، موجودون، والمؤسسات الحكومية والأهلية المعنية بالبيئة بانتظار إشارة منه.
ما حدث للبيئة من خراب جراء العاصفة المطرية الأخيرة، التي تأتي في نفس الوقت تقريبا كل عام، ومن السخف التعلل بأنها كانت غير متوقعة، والتي كشفت للمرة المئة حجم الفساد في مشاريع الطرق وصيانة مضخات الأنفاق والجسور، أمر تحاسب عليه الحكومة، وليس أي جهة أخرى. فهي التي تقاعست عن محاسبة المقصرين، سنة بعد أخرى، وهي التي جعلت الفساد، من خلال السكوت عليه، عرفا وعادة مقبولين، فانتشر، وأصبح القاعدة، وليس الاستثناء. ويوما بعد يوم يصبح أمر التخلص من الفساد، أو حتى التقليل منه، أكثر صعوبة، بسبب بطء أو عدم قدرة الحكومة، أو ربما عدم رغبتها، في تفعيل أجهزة مراقبة الفساد ومكافحته، والدليل الدوامة التي دخلت فيها هيئة الفساد، والبهدلة التي تعرض لها العاملون فيها، الذين كانوا في غنى عنها. وما أصبح البعض يدعو إليه لتخفيض رواتب العاملين بالهيئة، وكأن المشكلة تحل بخفض الرواتب! كما أن التردد في محاسبة أصحاب المخيمات، الذين تركوا خلفهم، للمرة السبعين، مئات أطنان المخلفات والأنقاض، والذين عاثوا بالبيئة فسادا، يعني أن الأمر سيتكرر مستقبلا بلا شك.
* * *
تقوم الجمعيات التعاونية، وآلاف محال السوبرماركت الأخرى وغيرها باستخدام مئات آلاف أكياس التسوق البلاستيكية، التي تنتهي في القمامة، أو تتطاير هنا وهناك. كما يتم سنويا استهلاك مياه عشرات ملايين القناني البلاستيكية، دون أن تقوم جهة ما بإعادة تدويرها وغيرها من المنتجات البلاستيكية الأخرى، إلا ما ندر.
ولمعالجة الهدر في استخدام الأكياس البلاستيكية مثلا، فإننا لا نحتاج لغير الاقتداء بما قامت به الدول المتقدمة، التي طالبت المتسوق بدفع ثمن كيس البلاستيك الذي يحتاجه لوضع مشترياته فيه، وهذا دفع نسبة كبيرة منهم لإحضار أكياس تسوقهم معهم.
كما ثبت مختبريا أن مياه الحكومة التي تصلنا عبر الحنفية، والتي لا تتطلب أكثر من عملية فلترة بسيطة لتصبح صالحة تماما للاستهلاك الآدمي، هي في الحقيقة أفضل من أنواع كثيرة من المياه المعبأة. ومن الضروري بالتالي إعلام المواطن والمقيم بهذه الحقيقة، والدعوة إلى استهلاك مياه الدولة، وهذا سيقلل حتما من استهلاك مياه القناني المعبأة، ويقلل من حجم الإضرار بالبيئة! وقد صدر عن شركة آرامكو السعودية العملاقة مؤخرا تحذير يتعلق بعدم صلاحية الكثير من المياه المعبأة في المملكة، وضرورة عدم الانجراف وراء استهلاك النوعيات الرخيصة بالذات، فرخص الثمن يأتي عادة على حساب التصفية الصحيحة.
اكتب هذا المقال، ولن أشعر بالحسرة إن لم تفعل الحكومة شيئا بصدده، فتطبيقه ليس في مصلحتي تجاريا.
أحمد الصراف