مارغريت و«جين» (1 – 2)
دعانا صديق لحضور مناسبة عائلية في فندق على البحر الميت. طال المقام الجميل بنا، والطقس المناسب والضيافة الرائعة والكرم الأردني، ليمتد لتسعة أيام، وتشمل البتراء، والعاصمة عمان.
زيارة البتراء (petra) كانت مميزة وغريبة ورحلة عبر تاريخ عميق ومجهول في غالبه، ويعود لما قبل أكثر من ألفي عام من الغموض اللامتناه، والذي لا يمكن بلوغه بغير إطلاق العنان للخيال. فقد سكن البتراء، كما يقال، عرب الأنباط، ويعتقد البعض أنهم قدموا من اليمن، بعد حدوث كارثة طبيعية، وأنهم اختاروها عاصمة لوقوعها في منطقة محصنة عسكريا وتقع بين مفترق طرق سير قوافل التوابل واللبان والبخور والعاج.
سيطر الرومان على البتراء لفترة طويلة، وتركوا فيها آثارا واضحة، وفعل غيرهم ذلك. إلا أن أهمية المدينة اضمحلت مع القرن 16، ونساها التاريخ تماما قرابة 300 عام، إلى أن جاء عالم آثار سويسري يدعى جوناثان بوركهارت عام 1812، واكتشفها، وأخبر العالم بذلك، ولكن المنطقة بقيت شبه مجهولة حتى عام 1924 عندما بدأ البريطانيون بحفرياتهم فيها، وأصبحت منذ يومها معلما سياحيا.
تعتبر البتراء من عجائب الدنيا السبع، وواحدة من بين 28 معلما لا بد من زيارتها قبل أن تفنى الحياة، ومن شاهد فيلم the bucket list يعرف ما أعني.
يمكن الوصول إلى البتراء من عمان بالسيارة، ويفضل أن تمتد الزيارة لأكثر من يوم. وتتطلب زيارة البتراء لياقة بدنية عالية، حيث السير الشاق على الأقدام في طريق وعر لمسافة تزيد على 2 كلم، هو الأسلوب المفضل، على الرغم من وجود العربات والبغال وغيرها، إلا أن استخدامها غير مريح أبدا. كما تتضمن الزيارة تسلق ما يقارب الألف درجة، للوصول للدير أو المعبد على قمة الجبل، والعودة من الطريق الشائك نفسه.
ما يميّز البتراء ليس فقط آثارها النبطيّة والرومانيّة والبيزنطيّة، بل وأيضا سكانها البدو أو «البدول» الذين سكنوا فيها منذ مئات السنين، ويقال إنهم قدموا المنطقة من منطقة بئر السبع في فلسطين، أو إنهم من قبائل الحويطات، الذين استعملوا كهوف المدينة للاحتماء بها من برد الشتاء. كما يقال إنهم من عرب مصر، وليس هناك رواية مؤكدة عن حقيقة أصولهم.
ظلّ البدول يسكنون كهوف ومغارات البتراء حتى 1985 إلى أن قررت الحكومة نقلهم للسكن في منطقة خارج المدينة، ولتتحول تاليا المنطقة للمزار السياحي الأهم في الأردن.
أحمد الصراف