حصان إبليس

تعتبر الدراجة وسيلة انتقال رخيصة، وهي أيضا وسيلة نقل في الدول الفقيرة، ولها شعبية، وأصبحت مؤخرا موضة ورياضة في الدول المتقدمة وعنوانا على الرغبة في المحافظة على البيئة، إضافة إلى كونها وسيلة نقل سريعة مع ازدحام الطرقات.
يزيد إنتاج العالم من الدراجات سنويا على المليار و200 مليون دراجة، ينتج ويستخدم أغلبها في الصين.
ومنذ أن عرف العالم البايسكل، أو الدراجة، بشكل واسع، عام 1885، فإن القليل فيها قد تغير على مدى 130 عاما، بخلاف الدراجات الرياضية التي تدخلت التقنية العالية لجعلها أعلى ثمنا وأخف وزنا.
يقال إن أول من استخدم الدراجة الحديثة هو الحداد الاسكتلندي كيرباتريك ماكميلان. ويعتقد آخرون أن للفرنسيين بيير ميشو، وبيير لالمو فضل السبق. وأول مصنع للدراجات في بريطانيا تأسس في منطقة كوفنتري عام 1885. وسرعان ما تطورت الدراجة لتصبح مريحة أكثر وسهلة الاستعمال، خاصة بعد نجاح الاسكتلندي الآخر دنلوب dunlop في إضافة الإطار الهوائي لها، مع نهاية القرن 19. ومن يقم بزيارة الصين في هذه الأيام فسيسترعي نظره حتما العدد الهائل منها على طرقات المدن الكبيرة، والتي يشكل سيرها دويا هائلا لا نعرفه في مجتمعاتنا. وللدراجات في الصين، التي يزيد عددها على نصف مليار، أنظمة صارمة ومواقف معقدة خاصة وخطوط سير محددة، وتعد وسيلة نقل وانتقال واسعة الاستخدام.
عرفت منطقتنا الدراجات مع بداية أربعينات القرن العشرين، وكان ركوبها يتطلب الحصول على ترخيص، وكان لها رقم خاص، وقواعد سير بسيطة. أما في السعودية فقد توجس الكثيرون من شكلها، وطريقة ركوبها، وكانت تسمى بـ«حصان إبليس».
وأذكر جيدا تجربتي مع اقتناء أول دراجة، وكان ذلك قبل ستين عاما تقريبا، عندما أخذني والدي إلى منطقة الدهلة الشهيرة لشراء واحدة! وهناك اخترت واحدة من ماركة «الأسد» الشهيرة، وكانت الأقوى والأغلى. دفع والدي ثمنها، وتركني، واستقل سيارته وعاد إلى البيت. كان الوقت مساء والجو باردا وممطرا قليلا.
عدت للبيت بعد أكثر من ساعتين، رغم أن الطريق لم يكن يستغرق أكثر من نصف ساعة مشيا، وأنا مرهق تماما. انتاب والدتي الرعب لحالتي الرثة، والطين يغطي ملابسي، وأطراف ملابسي مقطعة، وشعري منكوش، وجروح بسيطة تغطي يدي وذراعي، فسألتني إن كنت قد تورطت في خناقة او هوشة، وهذا ما كان يحصل أحيانا، فنفيت ذلك، وأخبرتها بقصة الدراجة، فطلبت أن تراها، ولكنني قلت لها أن تؤجل الأمر إلى الغد، وإنني مرهق وأريد النوم، فزاد إصرارها، وهناك اكتشفت أن ما أصابني أصاب دراجتي الجديدة التي تحولت إلى قديمة، بعد ساعات من شرائها، فسألتني عن السبب، فقلت لها أن والدي دفع ثمنها وتركني، دون أن يسألني إن كنت أتقن ركوبها، وبالتالي رجعت بها إلى البيت مشيا، وبسبب طول الطريق غير المعبد، والظلام الدامس، وكثرة الحفر والخبرات، فقد وقعت في الكثير منها، وأصابني ما أصابني من جروح!
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top