النفيسي والربعي
يحمل السيد عبدالله النفيسي ألقاباً مرموقة عدة، فهو النائب السابق في برلمان الكويت، وهو المحلل السياسي المعروف، والأكاديمي والأستاذ الجامعي السابق، والكاتب البارز، وصاحب الدراسات والمناظرات والمقابلات الإعلامية. كما أن له قاعدة من المعجبين بفكره و«نظرياته»، وهو يشبه، في تحليلاته السياسية وتوقعاته، المنجمين الذين تستضيفهم القنوات التلفزيونية في بداية كل عام جديد للتنبؤ بما يخبئه المستقبل لنا، فتراه ينطلق ويستفيض في تحليلاته وتنبؤاته التي تشمل كل دول ورؤساء المنطقة ومشاكلها وحروبها، وبالتالي ليس من الغريب أن يصدق بعضها، ويخيب بعضها الآخر.
في محاضرة سابقة للأستاذ النفيسي، سبق أن تطرقنا إليها في مقال سابق، 14 فبراير 2009، ذكر التالي، تعليقاً وتشجيعاً على القيام بعمليات إرهابية، مثل التي كانت تتعرض لها أميركا في حينها:
«…. أربعة أرطال من «الأنثراكس»، أربعة أرطال يحملها «فدائي» في حقيبة، ويدخل بها من أنفاق مكسيكو إلى الولايات المتحدة، كفيلة بقتل 330 ألف أميركي في ساعة واحدة، إذا أتقن نثرها على الوعاء السكاني هناك… مرعبة هذه الفكرة، يعني 11 سبتمبر تطلع «سلطة» عند هذا الموضوع (ضحك من الجمهور)، صح وإلا لأ؟ وما في داعي طيارات و«شكبانات» ومواعيد ومؤامرات. واحد عنده من «البسالة» أن يدخل معه 4 أرطال من الانثراكس وإلى حديقة «البيت الأبيض» وينثر عليهم الانثراكس، مثل «النون»، ويقوم «ييبب»، وتصير المسألة طماشة»!
وفي مقابلة تلفزيونية بثت مؤخراً قال بالحرف الواحد:
«…الشي الذي يزعج الولايات المتحدة في الخليج حالياً هذه الطبيعة أو هذا الكم من «الاحتشام الاجتماعي والسياسي» في الخليج والجزيرة، وهذا يعني رسوخ التدين.. وظاهرة التدين في الخليج والجزيرة وانعكاس ذلك على وضعية المرأة في الخليج. من هنا أصبح الأميركان معنيين جداً بإحداث انقلابة (هكذا) اجتماعية في الخليج والجزيرة حتى يضمنوا بقاءهم في المنطقة! والشي الغريب أنك تلاحظ يوماً بعد يوم أنهم يشيلون السفير الأميركي ويعينون بدلاً منه سفيرة، ومهمتهم «غشيان» (هكذا) المجتمعات النسائية، واختراقها. كما أصبحوا يؤمنون بأنه ما لم يحصل تغيير هيكلي على وضع المرأة الخليجية وإخراجها من حالة الاحتشام الاجتماعي، مثلما هو حاصل في المملكة. يعني لازم تخرج المرأة من البيت ونخرجها من المؤسسة إلى الشارع، لتنطلق كما انطلقت المرأة في عواصم أخرى… عندها فقط، كما يرى الأميركان، يصبح من الممكن كبح موجة التدين وما يرافقها من حركيات (هكذا). ولذلك أنا متخوف كثيراً من هذا المسعى الأميركي، لأن هذا المسعى يستهدف «مخ وكنه» المجتمع العربي في الجزيرة العربية. …يعني أميركا تريد أن تحولنا (شايف كيف؟) إلى مجتمعات شبه غربية»!
هل هذا كلام يمكن قبوله من أكاديمي وسياسي ومحلل معروف؟ وهل يعني كلامه أن المجتمعات التي سمحت للمرأة بالخروج من بيتها والانطلاق هي التي تسيطر عليها أميركا، وتلك التي لا تسمح للمرأة بالخروج لا تزال عصية على التخريب، أو التدخل الأميركي؟.
لا أدري لماذا تذكرت، وأنا أسمعه، القصة التي رواها لي المرحوم أحمد الربعي عن زيارته قبل الاستقلال وبعد الاستقلال لسوق السمك في عدن، عندما اشتكى من وساخة السوق ورائحته النتنة، وقلة أنواع السمك فيه وارتفاع أسعاره، مقارنة بعكس ذلك أيام الاستعمار الإنكليزي، فرد عليه بائع سمك عجوز قائلاً: «رجع لنا الاستعمار وخذ سوق نظيف وأصناف سمك متنوعة، وأسعار رخيصة».
أحمد الصراف