لنعمل جميعاً لرقيّها
تقوم جامعات أميركا وكندا وجمهوريات أميركا الوسطى والفلبين بالاحتفال بطريقة مميزة يوم تخريج دفعة جديدة من طلبتها، حيث يتم تكليف أحد الخريجين بإلقاء كلمة الوداع أمام هيئة التدريس، زملائه وزميلاته، أولياء أمورهم وأصدقائهم، قبل استلامهم لشهادات التخرج، والانطلاق لرحاب الحياة.
يطلق على من يتم اختياره لإلقاء خطاب الوداع valedictorian ويكون عادة صاحب أعلى الدرجات، أو مميزا في مجاله. كما تقوم جامعات أخرى، في هذه المناسبة، بدعوة شخصية مميزة، لإلقاء كلمة في خريجي ذلك العام، ولكننا معنيون في مقالنا هنا بالطريقة الأولى.
من أكثر الطلبة المتفوقين، أو الـvaledictorian الذين لقيت كلمتهم شهرة واسعة وانتشرت كالنار على وسائل التواصل الاجتماعي، سارة فهد أبوشعر، التي ألقتها في حفل خريجي جامعة هارفرد عام 2014، بحضور محرر الكويت، الرئيس جورج بوش، ونخبة من كبار الشخصيات.
وتشاء الصدف، وبعد ثلاثة أعوام، أن يتم اختيار شقيقها، فراس أبوشعر، لإلقاء كلمة الطلبة بالنيابة عن خريجي عام 2017 في جامعة بيركلي المرموقة في مدينة لوس أنجلوس، حيث أبدع في كلمته، نصا وإلقاء، التي أصبحت مثار حديث الكثيرين.
إن من النادر جدا أن تتفق جامعتان عريقتان في أميركا، وخلال فترة قصيرة، على اختيار شقيقين، كأكثر الطلبة تفوقا وتميزا، ليكون لهما شرف تمثيل زملائهما، وإلقاء كلمتي التخرج، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على حسن تربية سارة وفراس، ودليل على ما للوالدين من تأثير إيجابي في تنشئة الأبناء وتميزهم. كما يدل هذا الاختيار على أن الكويت، بالرغم من كل المعوقات التعليمية التي ألصقتها بها «حركة التخلف الإخوانية» على مدى عقود، لا يزال بإماكنها، نظاما ومدارس ومناهج، أن تعطي العالم الكثير، ففراس وسارة هما في نهاية الأمر نتاج النظام التعليمي «الخاص» لهذا الوطن، وطالما أن هذا النظام، بكل مثالبه، استطاع العناية بأمثال سارة وفراس، فإن بإمكانه، مع قليل من الاهتمام، أن يعطي أكثر.
ولا ننسى هنا الإشادة بالمبدعة الأخرى، الشيخة بدرية سالم فهد السالم، التي اختيرت نيابة عن خريجي «كلية سميث» الأميركية المرموقة للبنات، لتلقي كلمة العام، وتنال إعجاب وتقدير الكثيرين، فهذه الفتاة الرائعة، بدرية، هي أيضا نتاج مدارس الكويت، التي فرض بعض المتزمتين، من نواب ونشطاء سياسيين، منافقين غالبا، على أبناء مدارسها قانونا فرض فصل البنات عن الصبية، ولكنهم لم يترددوا، في الوقت نفسه، عن إلحاق أبنائهم وبناتهم بمدارس الكويت «الخاصة، والمختلطة»، فأي نفاق وكذب أكثر من هذا؟!
الكويت تستحق منا أن نعمل لأجلها، وتستحق بذل جهد أكبر لتقدمها، وهذا لا يمكن أن يتحقق بغير ثورة تعليمية، أصبحت أكثر من مستحقة، وهذا ما نتمنى أن تقوم به القيادة الحكومية.
أحمد الصراف