تكريم الإنسانية فينا
سعدت قبل أسبوعين تقريبا برؤية العسكري ماجد المطيري، وهو يخرج عن نطاق مهامه الرسمية، ويقوم بمساعدة وافد على تغيير عجلة مركبته الثقيلة، تحت درجة حرارة عالية، وهو الذي كان بإمكانه البقاء في نعيم مكيف مركبته، والاكتفاء بطلب «ونش الداخلية».
كما سعدت أكثر بالكتابة عن هذه الحالة الإنسانية، وباقتراح قيام مسؤولي الداخلية بتكريم شهامته. وكانت سعادتي أكبر وأكبر، عندما لمست كل ذلك الترحيب الحي والاستعداد، من مختلف شرائح المجتمع، مشاركتي في تكريم هذا الإنسان.
بعد انتظار طال قليلا، بسبب انشغال مسؤولي الداخلية في مهام خارجية، تلقيت مكالمة من العميد الكفء عادل الحشاش، يطلب مني فيها التواجد في ساعة معينة في مكتب وكيل وزارة الداخلية، للمشاركة في تكريم العسكري ماجد، وأنه من الأفضل عدم تقديم أي مبالغ نقدية له، لكي لا تصبح سابقة، وأنه سيكرم بما يستحق وأكثر.
وفي يوم الثلاثاء الماضي، وفي مكتب الفريق محمود الدوسري، كرُّم العسكري ماجد بما يليق بتصرفه الإنساني.
إن مجتمعنا على صغره، مليء بكم كبير من السلبيات التي مللنا وغيرنا من الكتابة عنها، ولكننا ربما جميعنا قصرنا في الكتابة أو الحديث عن الإيجابيات، وماجد المطيري، بعفوية وبساطة تصرفه، إحدى هذه الإيجابيات، فشكرا له، وشكرا لكبار مسؤولي الداخلية، الذين لم يرحبوا باقتراح التكريم، لولا شعورهم بأنه عمل مستحق.
إننا لا نطالب هنا طبعا الشرطة، أو أيا من موظفي الدولة، العسكريين أو المدنيين، أو أي مواطن، بإصلاح مركبة المقيم، وتغيير إطار عجلته، بل أن نكون جميعا خير ممثلين لوطننا، ولأجهزتنا الأمنية، وأن نكون إنسانيين ولطفاء، خاصة مع الفئات التي تستحق المساعدة والرحمة، فنحن جميعا بشر، ولنا مشاعرنا ومتطلباتنا، بالرغم مما بيننا من فوارق نفسية ومادية وغيرها. ونحن عندما قبلنا بدخول الوافد إلى وطننا، ليس ليساعدنا فقط، بل دعي ليقوم بما لم نستطع القيام به، صغرت أهمية ذلك العمل أو كبرت، وبالتالي علينا، من هذا المنطلق، التعامل معه كإنسان. فهؤلاء سيعودون يوما إلى أوطانهم، وسيكونون إما خير سفراء لجميل أفعالنا، أو أكبر مشوهين لسمعتنا.
وأخيرا يسرني التنويه بكرم كل من اتصل من القراء، طالبا مشاركتي ماديا في تكريم ماجد المطيري. والشكر موصول للزميل مسلط المهيلب، لتسليطه الضوء على الموضوع، في مقاله في القبس بالأمس.
وبالمناسبة، وفي الوقت نفسه، حدثت القصة التالية في الشارقة، حيث وجد سونيل ماثيو، المواطن الهندي المقيم في الإمارات، الذي كان في طريقة إلى المطار، للسفر إلى الهند لأمر عاجل جدا ومهم، عالقاً في ازدحام مرور شديد، طال لأكثر من ساعة. وفجأة طرأت على باله فكرة الاتصال بغرفة العمليات بشرطة الشارقة، وشرح لهم موقفه، فطلبوا منه نوع سيارته ورقم اللوحة، وبعد ربع ساعة وصلت الدورية وتجاوزته وطلبت منه اللحاق بها، من خلال كتف الطريق، حتى أوصلوه إلى بوابة المغادرين في مطار الشارقة. وكانت المفاجأة الثانية أنه وجد أحد أفراد الشرطة بانتظاره، حيث اصطحبه إلى كاونتر الطيران الهندي، وكاونتر الجوازات، وحتى باب الطائرة.. في آخر دقيقة!
قصة سونيل تناولها الإعلام الهندي بشكل واسع، مشيداً بالمعاملة الراقية التي تلقاها من شرطة الشارقة.
أحمد الصراف