شبح «تيسلا» القادم

كان المرحوم، خميس نجم، مدرس اللغة الإنكليزية في مدرسة الصديق، في منتصف خمسينات القرن الماضي، يسخر منا كثيرا وينتقد كسلنا وإهمالنا، وكان يتمنى دائما، جهارا، أن يأتي اليوم الذي «يخلص» فيه النفط، ليرى ما سيحدث لنا!
أمنيته تأخر تحقيقها كثيرا، ولكنها اقتربت من التحقق مع كل خطوة نجاح تخطوها شركة تيسلا tesla الأميركية لصناعة السيارات الكهربائية، التي تعتبر ثورة في عالم السيارات بمعنى الكلمة، فهي سيارة ليست بحاجة للصيانة مطلقا، وعدد القطع المتحركة فيها لا يتجاوز 18 قطعة، بما في ذلك عجلاتها الأربع، مقارنة بـ1800 قطعة في السيارة التقليدية. وانتشار استخدامها يتسارع كل يوم، وسيكون له تأثير كارثي في عشرات الأنشطة، وبالذات في أسعار البترول الخام.
ولتوضيح حقيقة ما تمثله «تيسلا» من خطورة على الدول المتخلفة التي ليس لديها غير النفط موردا ومصدرا وحيدا للدخل، إليكم هذه الحقائق:
تأسست «تيسلا» عام 2003، ومع هذا تزيد قيمتها السوقية اليوم على 50 مليار دولار في الوقت الذي لا تزيد فيه قيمة شركة فورد للسيارات، التي تأسست قبل «تيسلا» بمئة عام على 46 مليار دولار، علما بأن فورد تنتج قرابة 7 ملايين سيارة و«تيسلا» لم تنتج عام 2016 أكثر من 70 ألفا! ويتوقع أن يزيد إنتاجها على مئة ألف بقليل هذا العام، والسر أن مستقبلها مشرق!
لا تكمن قوة «تيسلا» في قدرتها على صنع مركبة لا تحتاج لصيانة أو وقود مطلقا، بل وأيضا في عدم حاجة أغلب أنواعها لمن يقودها، وفي قدرتها على البقاء على الطرقات لمسافة تزيد على المليون ونصف المليون كيلومتر، وفي كونها صديقة للبيئة، ونظيفة.
كما يتوقع الخبراء أن يؤثر إنتاجها سلبا في أسعار البترول، حيث سيبلغ ثمن البرميل، خلال عشر سنوات نصف ثمنه الآن، وستقضي هذه السيارة على كل أنشطة التنقيب عن البترول الصخري، وفي البحار والمحيطات، كما ستتعرض شركات السيارات التقليدية لخسائر كبيرة إن لم تطور نفسها، كما أن مدن صناعة السيارات، كديترويت، ستفقد مكانتها، وستحل مدن ككاليفورنيا محلها.
وخلال عامين على الأكثر سيكون بالإمكان التجول بهذه السيارة لمسافة تزيد على 300 كلم بتعبئة بطارية واحدة، وستكون تلك «نقطة التحول» في صناعة النقل والتنقل الآلي، مع انخفاض ثمن السيارة الكهربائية إلى 20 ألف دولار قبل عام 2022، وهذا سيصيب شركات التأمين بخسائر ضخمة بسبب قلة وقوع الحوادث في السيارات الكهربائية التي تسير ذاتيا. وتبين الأرقام أن ما يعادل 10 تريليونات دولار من عائدات الحكومات الغربية ستتبخر نتيجة تأثر صناعة السيارات وصناعة نقل البترول.
طبعا لا يمكن توقع بقاء دول حيوية كالصين والهند وكوريا واليابان وغيرها بعيدة عن السيناريوهات المتوقعة نتيجة انهيار أسعار البترول، وبالتالي بإمكاننا الاستفادة من خططها البديلة، ومن مشاريعها الحالية في السير بخطين متوازيين، وكأن الانهيار سراب أو واقع غدا.
التقرير متشائم كثيرا، ويمكن البحث عنه عند {العم} غوغل، ولكن أثناء ذلك ماذا سيكون مصير الدول التي تعتمد على البترول كمصدر دخل وحيد؟!.. نعم ماذا نحن فاعلون؟!
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top