أنا جاحد
صدر بيان نسب لقيادة الإخوان المسلمين، من القاهرة، بمناسبة الأحداث المؤلمة التي تشهدها المنطقة، والضغوط التي تتعرض لها كوادرهم في أكثر من دولة، وما يعنيه ذلك من احتمال جفاف الضرع الذي تستمد منه الحركة قوتها المالية والإعلامية. وقد تضمن البيان، الذي سنفترض صحته، لعدم صدور ما ينفيه، كماً كبيراً من الشتائم المقذعة بحق عدة جهات، وشكل ما يشبه إعلان حرب من منظمة إرهابية على حكومات شرعية.
بسبب ضيق المساحة، فإننا لن نورد كامل البيان، بل سنتطرق فقط للفقرة التالية:… تابَعتْ جماعة (حركة) الإخوان باستياء بالغٍ ما صدَر عن السعودية، من اتهاماتٍ بحقِّ الجماعة، ووصمها بالإرهاب، وانتهاج العُنف، وإذ تستنكر الجماعةُ هذه الاتهامات الباطلة تُؤكِّد أنها منذ نشأتها تتمتّع بعلاقات وأوَاصِر مَحبّةٍ مع شعوب الخليج، وحُكامها، وقَدَّمت الجماعةُ، عبر مُحبّيها ومُنتسبيها، خدمات ثقافية وعلمية ومعرفية وسياسية واقتصادية ومجتمعية جليلة لا يُنكرُها إلا جَاحِد.
وبما أنني، في نظر من يمثلهم، ويا عيني على من يمثلهم، جاحد، فإنه من حقي توضيح سبب جحودي.
أولاً: جماعة الإخوان المسلمين ليست بالطبع ذلك الحمل الوديع، الذي حاول من صاغ البيان إظهارهم به، فعلاقتهم بالعنف لا تنحصر حتماً بالفترة الحالية التي تتطلب منهم الجنوح للسلم والدعوة للمحبة، وانهم لم يطلقوا رصاصة، كما ادعى أحد «مخرجيهم السينمائيين»، بل يتعلّق بمجمل تاريخهم منذ عام 1928 وحتى أحداث رابعة، وغيرها من عشرات حوادث القتل والإرهاب التي تورطت فيها، خصوصاً عمليات الاغتيال التي نفّذها جهاز الحركة السري بأوامر من البنا والسندي وغيرهما، والتي طالت الكثيرين.
ثانياّ: أما القول إن الحركة تتمتع بعلاقات وأواصر محبة مع شعوب الخليج، فيكذبها ما صدر من أحكام قضائية نهائية ضد قياداتهم ونشطائهم في دولة الإمارات بتهمة التآمر على أمن الدولة، هذا غير موقفهم المعروف من قضية احتلال الكويت، عندما وقفوا جميعا، في مؤتمر لاهور في باكستان، ضد قيام القوات الغربية بتحريرها من احتلال صدام، الحقير.
وإن كنتم بكل هذه المحبة والتواؤم مع السلام، فلم لم تترشح قياداتكم لنيل جائزة نوبل للسلام.
ثالثاً: أما القول إن الجماعةُ قدمت، عبر مُحبّيها ومُنتسبيها، خدمات ثقافية وعلمية ومعرفية وسياسية واقتصادية ومجتمعية جليلة، فهذه نكتة العصر التي لا يمكن بلعها أو تصديقها، ونكون شاكرين لفرسان الحركة في الكويت قيامهم بتزويدنا بالخدمات «الثقافية والمعرفية والاقتصادية»، دع عنك غيرها، التي قدموها للدول الخليجية، أو حتى للكويت فقط، تسهيلاً لمهمة الرد، علماً بأن الإخوان كانوا السبب وراء انحطاط الحركة الثقافية، ووئد الحركة الفنية، وساهموا، من خلال الغريب من أفكارهم الاقتصادية التي فصلتها الفتاوى التي صدرت عن «علمائهم على مقاس مؤسساتهم المالية»، ساهموا في تخريب الاقتصاد، وأمامنا الوضع المالي البائس لأغلبية شركاتهم، التي لم تسلم من النهب والسلب. ولا ننسى في هذه العجالة التذكير بدورهم التخريبي في مناهج التعليم، التي دفعت بالمئات من شبابنا للتهلكة. ما أقبح جرأتهم، وقلة حيائهم!
أحمد الصراف