عودة الابتسامة لوجوه حزينة

بعد تردد لم يطل كثيراً، قرَّرت الإدارة العامة لشؤون الإقامة إلغاء، أو بالأحرى، تعديل قرارها السابق المتعلّق برفض تجديد إقامات أي من الوالدين أو الأخوة والأخوات، الموجودين في البلاد، على كفالة عائلهم، أو كافلهم، بعد أن تبين للإدارة الجوانب السلبية للقرار على سمعة الكويت على مصير أكثر من 11 ألف مقيم في البلاد بصفة «التحاق بعائل»، وأن المهلة التي أعطيت لكل هؤلاء لترتيب أوضاعهم، وترك البلاد نهائياً، لم تزد على ثلاثة أشهر، وهي فترة قصيرة بشكل مخيف، خصوصاً لأولئك الذين لا سكن ولا معيشة لديهم خارج الكويت، التي فيها عملوا، وفيها تقاعدوا، وفيها التحقوا، وهم الآن كبار في السن، ولا يعرفون غيرها وطناً ومسكناً، بعد أكثر من خمسين أو ستين عاماً من الإقامة الدائمة.
وقد قامت وزارة الداخلية، بموجب قرارها الجديد، بوضع ضوابط لمن يريد من هؤلاء الاستمرار في وضعية «الالتحاق بعائل»، من أب وأم وأخت وأخ، من خلال السعي إلى الحصول على بوليصة تأمين صحية إلزامية، تتيح لهم تلقي العلاج في المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة، وليس في المستشفيات الحكومية، كما كان عليه الحال، ولم يزل، حتى كتابة هذا المقال، علماً بأن قسط التأمين سيكون حتما معقولا، ولن يشكل استنزافا لموارد الوافد.
وفي السياق نفسه، ورد في القبس، على لسان مصدر أمني، أن القرار لم يأتِ فجأة، بل صدر بعد دراسات واجتماعات ونقاشات مشتركة بين وزارة الداخلية وعدد من الجهات الحكومية الأخرى، وبالذات «وزارة الصحة»! وشدد المصدر على أن فرض تأمين صحي إلزامي على الوالدين والإخوة والأخوات سيُساهم في تخفيف الضغط على المستشفيات الحكومية، فضلاً عن أنه يحافظ على المال العام.
قد لا يرضي هذا القرار البعض، ولكنه حتما أفضل بكثير من قرار المغادرة خلال ثلاثة أشهر.
وقد لا يساهم القرار في تخفيف الضغط على المستشفيات الحكومية، بسبب الضآلة النسبية لعدد الملتحقين بعائل، مقارنة بأكثر من مليون من العمالة الزائدة، لكن مجرد صدوره يمثل نقلة نوعية في حل مشاكل عدة صحية وتنظيمية وهيكلية. كما يعطي القرار وزارة الداخلية صبغة أكثر إنسانية وأكثر تعاطفا مع المقيم، فالقرار السابق كان سيؤثر حتما في سمعة الكويت الإنسانية، التي اكتسبتها نتيجة سخائنا وكرمنا مع الغير، وحكمة قيادة الكويت السياسية.
ولا يسعنا إلا تقديم الشكر للواء مازن الجراح على هذا القرار الأكثر إنسانية، وتقديم الشكر لوزير الداخلية الذي لولا دعمه لتطلب الأمر الانتظار أكثر. كما أن الشكر موصول للزميلة إقبال الأحمد، ولكل من كتب مطالبا وزارة الداخلية بإعادة النظر في قرار قصر الالتحاق بعائل على الزوجة والأولاد. فقد أعدنا جميعا البسمة والأمل لوجوه أصابها الحزن والوجوم من القرار السابق.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top