تصريحات متناقضة
عندما أستعرض في ذاكرتي أسماء من كان لهم دور في حركة الإخوان المسلمين، على مدى نصف القرن الماضي، خصوصا من بسيطي الحال ماديا، أجد أن غالبيتهم، إن لم يكن جميعهم، قد حققوا لأنفسهم وضعا ماديا مريحا، كما حققت قلة معروفة منهم ثراء كبيرا، هذا بخلاف ما حققوه جميعا من صيت ومكانة سياسية واجتماعية وعائلية كبيرة.
وعلى الرغم من الصفة أو المسحة الدينية التي يحاول المنتمون لحركة الإخوان، جاهدين، تغطية أنفسهم بها، فإنهم كانوا دائما أقرب للبراغماتية والوصولية منهم للمتدينين الزاهدين. فالعمل في السياسة يتطلب منهم الوصولية، خصوصا أن كم المغريات المادية والمعنوية، في الدول النفطية بالذات، تجعل من التشدد والالتزام الديني والصدق والأمانة أمورا مضحكة، وبالتالي لا ضرر مطلقا، كما تسمح به أدبياتهم، من بعض الكذب والرياء هناك، فنفعهما أكثر من ضررهما! وبالتالي ليس من المستهجن سماع آراء أو مشاهدة مواقف متضادة ومتناقضة لنفس الأشخاص على فترات قصيرة نسبيا، من دون أن تنتاب المتورطين فيها أي مشاعر خجل أو ندم، فهذا ديدنهم، وسيبقى هكذا.
***
في «الملتقى الإعلامي العربي»، وبحضور الزميل ماضي الخميس، قال قيادي في حزب الإخوان:
«.. أؤكد للمرة الألف وسأظل أؤكد أننا في الكويت لم نعد إخوان مسلمين منذ الغزو العراقي (1990)، ولا يوجد تنظيم إخوان في الكويت، وأنا لست من الإخوان، بل أنا من الحركة الدستورية».
وفي لقاء تال جرى بعدها بسنوات، وعلى قناة «اليوم»، ذكر القيادي في الاخوان نفسه: «.. إن خصومنا ليس لهم خصم إلا نحن، تيار الإخوان المسلمين، الحركة الدستورية. فقد أصبح همهم الإخوان، علما بأن الإخوان ليس لهم طموح للسلطة في الخليج كله (!!). لقد جاءنا صدام أيام الغزو وقال لنا تعالوا يا إخوان واحكموا (الكويت) ولكننا رفضنا»!
وفي لقاء أجراه أحمد الفضلي على قناة «العدالة» مع أحد الإخوان، وداعية ورجل أعمال كبير، قال، ردا على سؤال عن صحة مطالبة صدام للإخوان بأن يتولوا حكم الكويت: «لا، لم يحدث ذلك أبدا، لا مني ولا من غيري، ولا من أي من الإخوان، وهذا كلام غير صحيح، وأنا أتحدى من يقول خلاف ذلك. وهذا الكلام عيب وغير صحيح»!
نترك للقراء التمعن في مثل هذه التصريحات المتناقضة والخطيرة في الوقت نفسه، ونتقدم بالشكر للسيد الكافر، مخترع اليوتيوب، الذي سخر لنا ولغيرنا حفظ أحاديث هؤلاء لتكون شهادة للتاريخ على نوعيتهم، ويمكن إرسال روابطها لكل من يشك في صحة ودقة ما ذكرناه في هذا المقال.
أحمد الصراف