تعقيب على الحمود
غمرني نوع من التأسّي واليأس، بعد أن قرأت مقال الزميل والصديق حامد الحمود الذي ذكر فيه أن نوعاً من التأسي واليأس غمره بعد قراءة مقال مبارك الدويلة في القبس، 2017/6/18، ومرد يأس صديقي يعود إلى غرق الدويلة في نظرية المؤامرة أو التفسير التآمري لنشأة «داعش». أما سبب يأسي، فإنه يعود إلى تأخر الزميل حامد في اكتشاف حقيقة الإخوان، ونوعية «زعمائهم»، وإيمانه، الذي عبر عنه في أكثر من مقال ولقاء، بأن الخير يرجى منهم، ويجب أن تكون منظمتهم جزءاًَ من الحراك السياسي!
يصف الزميل حامد مقال الدويلة بأن ما تضمنه من تفسير تآمري قد شاع بينهم، وهذا التفسير يضلل البحث في الأسباب الحقيقية للتطرف الإسلامي، والذي تطرف أكثر بنشأة داعش. ويسخر الحمود من ثقة الدويلة المبالغ فيها في طرح فكرة التآمر، وكأنه شاهد بعينيه التنسيق بين الموساد الإسرائيلي والمخابرات الإيرانية ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وكيف أن هذه الجهات ركزت جهودها على محاربة الإسلام «المعتدل»، باختراع داعش نكاية بالإسلام السني المعتدل، الذي يمثله الدويلة.
ويضيف الحمود بأن الحقيقة المرة هي أن داعش منا وفينا، لا هو من اختراع إسرائيل، ولا من إيران، ولا من أميركا! وهذا موقف يشكر عليه، ويستطرد: ولكن سياسات أميركا وإيران في المنطقة ساهمت بقدر كبير في ظهور التنظيم، على الرغم منهما، وليس بالتنسيق معهما أو بينهما. فهناك تفاعل أو تلاقح بين سياسات خاطئة ارتكبتها أميركا وإيران من جهة والفكر السلفي الذي ينتمي إليه داعش والمعادي بطبيعته لإيران وأميركا من جهة أخرى. وقد كان الشيخ عادل الكلباني، إمام الحرم السابق، واضحاً في ربط علاقة «داعش» بالفكر السلفي، وأثارت تصريحاته حفيظة الكثير من المسلمين الواهمين عندما غرّد أكثر من مرة في يناير 2016، مؤكداً «أن داعش لبنة سلفية، ليست إخوانية ولا صوفية ولا أشعرية، وتجب مناقشة فكرها بدلاً من نقاش أفعالها فقط». وبالطبع، لم يعجب هذا التصريح للشيخ الكلباني زملاءه. فهم، كما الزميل الدويلة، لا يرون السيئ إلا في عدوهم. ولكن لا الأفراد ولا الشعوب ينضجون أو يتطورون من دون ممارسة نقد ذاتي. فهم ليسوا أكثر معرفة بالإسلام والتراث السلفي من الشيخ الكلباني. واعتراف الكلباني بعلاقة فكر داعش بالتيار السلفي لا يجرم هذا التيار، فالأغلبية العظمى من المؤمنين به مسالمون ومحبون وطيبون. والاعتراف بالحقيقة يعتبر تضحية أحياناً، لذا كانت صراحة الكلباني وراء إيقافه عن الخطابة لأكثر من 13 سنة.
ويستطرد الحمود قائلاً إن الدويلة ليس وحيداً. فالأغلبية تود أن تصل إلى النتائج التي ترضي عصبيتها، منزهة فكرها واعتقاداتها من أي سوء. فالشر لا يأتي إلا من الأعداء. ثم يضيف ان المحطات التي أدت إلى ظهور تنظيمات متطرفة، كداعش، تكمن في هزيمة 1967 أولاً والغزو السوفيتي لأفغانستان، وتالياً التدخّل السعودي الأميركي، ثم الثورة الإيرانية ثالثاً. وأخيراً الغزو الأميركي للعراق. ونحن نتفق معه في ذلك تماماً.
أحمد الصراف