محنا كفو (*)
لا أدري حقا عدد المرات التي كتبت فيها مطالبا الحكومة بالتحرك، وحل القضايا المحلية المستعصية قبل أن تتدخل قوى خارجية وتجبرنا على ذلك، ولكنها «الحكمة» ربما منعتها من ذلك.
لقد فشلنا فشلا ذريعا في مراقبة أموال العديد من الجمعيات، المسماة بالخيرية، فنتج عن ذلك أن مئات ملايين الدولارات التي جمعت من البسطاء، والتي سرق منها الكثير، تسربت للصرف على تخريب عقول أبنائنا، ودفعهم لقتل مواطنيهم وغيرهم، وتفجير أنفسهم في دور العبادة، والصرف على تدريب وتسليح الإرهابيين، وتمويل احتلال مدن الغير، وغير ذلك من أنشطة غير مشروعة. وعندما سئم العالم الغربي من عجزنا وترددنا، وعرف أننا «لسنا كفو»، أرسلت وزارة الخزانة الأميركية العشرات من مفتشيها، وفي انتهاك واضح لسيادتنا، لتقوم بفحص طرق وأساليب جمع التبرعات ومصارفها، ونجحت في الحد من الفوضى، الضاربة أطنابها في أجهزة مراقبة معظم الجمعيات الخيرية. وطبعا لا يزال وضع الأموال التي تجمع في كل يوم وساعة، أبعد ما يكون عن الكمال والأمان.
حدث الأمر ذاته عن الوضع الأمني للمطار، وتكرر نجاح مطلوبين، أمنيا وماديا، في الخروج من البلاد، حتى والعودة إليها ومغادرتها ثانية وثالثة. ولا ننسى تسيب حدودنا البحرية والبرية، وسهولة إدخال الأسلحة والممنوعات إلى البلاد، وانشغال الأجهزة الجمركية والأمنية في الوقت نفسه وتضييع وقتها في توافه القضايا كمصادرة ومعاقبة من جلب زجاجة كحول، أو من ترتدي مايوها على الشاطئ، او تحقيق الانتصار على سكير أو حبس مثلي الجنس، وكأن الخطر لا يأتي إلا من هؤلاء وليس من المغسولة عقولهم، أو الذين يملأ الحقد قلوبهم على كل مخالف لهم!
أما مطالباتنا بتعديل المناهج الدراسية، وجعلنا أقل تطرفا، وأكثر إنسانية، فقد وجدت طريقها إلى آذان البعض، ولكن العملية تسير ببطء مخيف، فالوقت ليس في مصلحتنا. أما مطالباتنا وغيرنا بإغلاق كلية الشريعة فلا تزال تراوح مكانها رغم كل ما مثلته وتمثله مخرجاتها من خطر على أمن الوطن، وحتى العالم، فالذي طالب بأن يترك له عشرة من الشيعة لينحرهم بنفسه، والذين افتخروا بقتل مئات الشيعة في الرقة والموصل، في خطب عامة ألقيت أمام حشود كبيرة، هم من مخرجات هذه الكلية، ومن المدرسين فيها، وهم السبب في إدخال الرعب في قلوب مناوئيهم، فلجأوا إلى طرق الإرهاب نفسها!
وفي السياق نفسه، صرح وزير الخارجية الأميركي في سؤال أمام الكونغرس بأن إحدى نتائج زيارة ترامب إلى الرياض كانت إنشاء مركز لمكافحة الخطاب الديني المتطرف، والقيام بنشر كتب دراسية جديدة تدرس في المدارس التي تشرف عليها الرياض داخل المملكة وخارجها، وتكون خالية من الفكر المتطرف، وأن المركز سيسحب فورا الكتب القديمة، وسينشر رسالته عبر وسائل التواصل، وتدريب المدرسين والأئمة الجدد. وأن أميركا ستعمل على تثبيت قواعد هذا المركز ومراقبة أعماله.
فهل سيأتي قريبا دورنا في الكويت، أم سننتبه إلى حالنا ونسارع في تبديل مناهجنا وجعلها أكثر إنسانية؟
(*) تعبير محلي يعني أننا لسنا جديرين بالثقة
أحمد الصراف