كيف يخلق هؤلاء؟

تسلمت الشرطة الدولية (الإنتربول)، مؤخرا، مذكرة اعتقال بحق الداعية الهندي ذاكر نايك، بزعم تورطه في قضايا غسل أموال وكسب غير مشروع عن طريق مؤسسات وقنوات فضائية دينية يديرها، وتهم أخرى تتعلق بالإرهاب.
يبلغ نايك 52 من العمر، وهو داعية مفوَّه، ومجاز كطبيب، ولكنه ربما اكتشف، كالكثير من الدعاة «المدنيين» أن العمل في الدعوة أكثر بركة وربحا، في الدنيا والآخرة.
لنايك شهرة واسعة، خصوصا بين فقراء الجاليات الهندية في أفريقيا والغرب، ولديه ذاكرة جيدة، ويحفظ الكثير من النصوص الدينية، إسلامية ومسيحية ويهودية وهندوسية وبوذية، وبعدة لغات.
يبلغ عادة عدد حضور أي من خُطب نايك بضعة آلاف، ولكنه أكثر شهرة عبر أشرطة الفيديو والكاسيت والأقراص المضغوطة التي تسجل خطبه التي باتت شائعة، وغالبيتها باللغة الإنكليزية. وفي أغسطس الماضي وجهت له الهند تهما بالتحريض على الإرهاب ونشر الطائفية في قناته وخطبه الدينية، ففر نايك من الهند ولم يعد إليها حتى الآن. وبالتالي بقي خارجها، وزار منطقة الخليج، وجاء إلى الكويت قبل فترة، وأعلنت جهة دينية عن إقامة مهرجان كبير له في استاد جابر، ولكن تدخل الكثيرين، ونحن منهم، ألغى إقامة المحاضرة، واستعيض عنها بلقاءات بين مريدي نايك والمعجبين به.
أثناء وجوده في الكويت، قام وزير أوقاف سابق، سبق أن اعترضت جهات دولية مؤثرة على توزيره في حينه، فلم يطل بقاؤه في الوزارة، بعقد لقاء «سلفي» معه، قال فيه نايك إن عدد من يسلمون على يديه كل عام يبلغ 100 ألف شخص(!) وأن أكبر عدد حضر للاستماع لخطبه بلغ المليون (!) وإن عدد المتابعين له على الفيسبوك يبلغ 17 مليونا تقريبا (!) وعدد متابعي قناته الفضائية الدينية يبلغ 250 مليون مشاهد(!) ثم في نهاية اللقاء تبين انه «متأثر»، و«ماخذ على خاطره»، لأنه لم يحصل على الجنسية السعودية! ولا أدري ما حاجة داعية يسلم مئة ألف على يديه سنويا، وله قناة يشاهدها 250 مليونا إلى جنسية سعودية؟!
إن هذا النموذج من الدعاة يظهر بوضوح الكيفية التي نخلق فيها الطغاة بيننا، بنفخهم وتفخيمهم، فيصدقون أنهم بالفعل كما يقال عنهم، فما حاجة من يمتلك قناة يشاهدها 250 مليونا يوميا، وما يعنيه ذلك من إيرادات بمئات ملايين الدولارات، من الإعلانات بجنسية دولة خليجية قد تمنحه أرضا وقرضا في نهاية المطاف؟ ولا أدري لِمَ لم يعرض عليه الداعية، والوزير الكويتي السابق، الجنسية الكويتية، ولماذا سخر من عدم حصوله على الجنسية السعودية، فما علاقته بأمر سيادي يخص دولة أخرى؟

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top