كنت في المرحلة المتوسطة، كغالبية رفاقي، أكره درس اللغة الإنكليزية، وأجده ثقيلا، وكان الاستثناء الطلبة الذين قدموا من المدرسة الوطنية (الجعفرية)، حيث كانوا مميزين فيها. ولكن أستاذ اللغة الإنكليزية، الفلسطيني، غير من نظرتي لها وحببني فيها، ولكني لا أزال، وبعد 60 عاما، أعتبر نفسي نصف متعلم.. في كل شيء.
كان الإشراف على مكتبة مدرسة الصديق من ضمن مهام ذلك المدرس النجيب. وبسبب ما وجده لدي من شغف بالقراءة، وحب للكتب، قرر الاستعانة بي في عملية ترقيم كتب المكتبة وفهرستها بشكل يسهل فيه الاستدلال على أي كتاب فيها، من دون عناء كبير.
قبل أيام تذكرت تلك الطريقة التي نسيت قواعدها، بعد مرور كل تلك الأعوام، وبالبحث تبين أنها لا تزال متبعة في غالبية إن لم يكن في كل مكتبات العالم الكبيرة، ومكتبات المدارس ودور العلم بالذات، وتعتبر مادة تدرس، ويسمى نظام ترتيبها بتصنيف «ديوي» العشري، وهو من وضع الأميركي مالفل ديوي melvil dewey، الذي صممه عام 1876، وهو أول نظام تصنيف مكتبات بالمعنى الحديث وأكثرها شهرة في الوقت نفسه، ويقوم هذا النظام على تقسيم المعرفة البشرية non fiction إلى عشرة أقسام رئيسية، ويتفرع كل واحد من الأقسام الرئيسية إلى عشر شعب تمثل التفريعات الرئيسية للموضوع. كما أن كل شعبة تتفرع بدورها إلى عشرة فروع حسب طبيعة الموضوع، وهكذا ينقسم كل فرع إلى عشرة وبذلك يمكن أن يستمر التقسيم العشري إلى ما لا نهاية، وجرى تنقيح النظام باستمرار حتى يستجيب للاحتياجات المتطورة للحصول على المعلومات في المكتبات التقليدية وفي الأوساط الإلكترونية. وأدخلت على أحدث طبعة لنظام ديوي عدة تحسينات جعلته أكثر ملاءمة من الطبعات السابقة للبحث في مصادر الإنترنت. كما جرى توسيع القاعدة المعرفية لهذا النظام بإضافة العديد من الفئات الجديدة وتوسيع الفئات التي يحتويها. وجرى أيضا تحديث المصطلحات ووصف الفئات على نطاق النظام بكامله بحيث تعكس رواجه واستخداماته الدولية ودرجة حساسيته للاستخدامات المفضلة للمجموعات الاجتماعية والقطرية. وشملت التغييرات الهيكلية تحسين العناوين وتوسيع الفهرس النسبي. وللبحث المتواصل بشأن نظام ديوي للتصنيف العشري هدف يتمثل في إنتاج نسخة متعددة الاستخدامات قادرة على تنظيم مجموعات كبيرة من الوثائق الإلكترونية، لا سيما على شبكة الإنترنت وعلى المواقع العالمية. فمثلا يعطي موضوع المعارف العامة، أو علم الحاسبات، المعلومات والأعمال العامّة، الأرقام من 000 إلى 099، والفلسفة وعلم النفس من 100 إلى 199، والديانات من 200 وإلى 299.. وهكذا.
أما عن قطع غيار السيارات فالوضع مختلف قليلا، واكثر سهولة، ضمن الدولة أو الشركة الواحدة، مع الاختلاف بين الجهات الصناعية والعسكرية السرية، وغير ذلك.
فقطعة الغيار التي تحمل مثلا الرقم hsco424pp يمكن لموظف قطع غيار قراءتها بسهولة وفهم معناها، فالحرف الأول يشير الى معدة صلبة، والحرف الثاني لبرغي، والأحرف الخمسة التالية تمثل الطول بالإنش، والحرفان الأخيران عن نوعية مفك البراغي.. وهكذا
الموضوع شيق ويستحق القراءة فيه ومعرفة المزيد.

أحمد الصراف